السيد محمد شريف الحسني رضي الله عنه
ألا إن معنى الأمية في حق سيدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم ليست هي الجهل بالحروف ورسومها ، فتقدس عبدٌ ربّته الذات العلية على الكمال اللاهوتي المطلق ، عن أن يتدنس بنقائص الطبائع البشرية .
كيف وهو الذي علم سيدنا آدم عليه السلام الأسماء كلها ، إبان ماخلّفه عنه في النزلة الآثارية ، حيث أنّ الأسماء تشتق من ذواتها ، وإن الحقيقة المحمدية هي مجلى الذات ومثالها .
فما عِلْـمٌ في الوجود إلا من ذاته تنزل ، على حسب القوابل والاستعدادات ،إذا فهو العليم المعلم الأعلم ، تحققا ذاتيا أحديا ، من أول قدم على ماجرى في القدم .
وقل تعالت رتبة النبوة ، التي هي منهل العلم والعرفان ، بالحضرات الآزلية الحقانية ، فضلا عن الأكوان الحادثات . عن وسمة الجهل ، حيث أن النبوة لازمة لحضرة روحه الشريفة ، حال تنزل حقيقته المحمدية إلى الرتبة الواحدية ، يعني هذا أن النبوة مع عظمها وحيطتها ، ليست هي إلا تنزل منه صلى الله عليه وسلم .
أمّا حقيقته مقاماته التي عليها قام كماله الأحدي اليتيم ، فهي من وراء تلكم التعينات الإمكانية ، المقيدة بالحدود والتشكلات ، ومن تلك المقامات داركة العلم فيه صلى الله عليه وسلم مع تنزيه حضرته المطلقة ، عن مثل هذا التقييد ، حيث أنه صلى الله عليه وسلم مظهر لعِلم الذات الأقدس ، المحيط والمهيمن على كل الكل ، وذلك مما وراء التعينات النعوتية ، علاوة عن المدارك الآثارية .
أوَ ترى أيها العارف البصير ، أن بعد التحقق العيني ، بالسّعة الذاتية ، جهل أو ريبة أو نقصان ، فتعالى الله عما يقولون علوا كبيرا.
تحقيق وعرفان
قال تعالى : { وَلَوْ رَدُّوهُ إِلَى الرَّسُولِ وَإِلَى أُولِي الأَمْرِ مِنْهُمْ لَعَلِمَهُ الَّذِينَ يَسْتَنْبِطُونَهُ مِنْهُمْ } ألا وإن الأمور المتعلقة بالحضرة السيادية ، هي أولى ما يجب علينا إرجاعه إلى أهلها ، إذ أن الخطأ هنا أخطر ما يكون . {ذَلِكَ وَمَنْ يُعَظِّمْ حُرُمَاتِ اللَّهِ فَهُوَ خَيْرٌ لَهُ عِنْدَ رَبِّهِ} {ذَلِكَ وَمَنْ يُعَظِّمْ شَعَائِرَ اللَّهِ فَإِنَّهَا مِنْ تَقْوَى الْقُلُوبِ } وإن لم يكن حبيب الله صلى الله عليه وسلم من حرمات الله ومن شعائر الله ، فما هي إذا .
ومعلوم أن لكل فن أربابه ، هم من يستنبطونه ويذودون عن حياضه ، وأهل هذا الفن هم العارفون بالله وبحبيه صلى الله عليه وسلم فوجب الرجوع لهم ، لفهم النصوص الشرعية التي تعنيه صلى الله عليه وسلم .
وبعد فإن التحقيق في معنى الأمية ، عند أهل الحق رضي الله عنهم ، أنها هي النسبة الذاتية ، إذا فقولنا النبي الأمي معناه { النبي الذاتي .
وذلك لأن الذات لما كانت هي أصل التجليات الوجودية والإمدادية على الإطلاق ، سميت بالأم تحقيقا ، لأن من معاني الأم لغة الأصل ، ومن انتسب إلى الأم يقال له أمي ، كما قيل في من بقي على حاله يوم ولدته أمه أميّا ، ومن هذا المعنى اختلط الفهم على من نسبه صلى الله عليه وسلم إلى هذه الأمية ، فتنزه وتحاشا عن هذا .
وعلى منوال هذا التحقيق والإستنباط العرفاني ، يجوز إرجاع هذه النسبة الأميّة على روحه الأم صلى الله عليه وسلم ، ومن اليقين عندنا أن روحه الشريفة صلى الله عليه وسلم ، هي أصل التجليات وأم الموجودات ، وقاسمة الإمدادات الربانية ، على المحيط الإمكاني ،فمن أجل ذلك سمي بالأميّ صلى الله عليه وسلم .
قال الشيخ نجم الدين الكبرى قدس الله سره : « الأرواح كلها خلقت من روح النبي صلى الله عليه وسلم ، وأن روحه أصل الأرواح ، ولهذا سمى : أمياً ، أي : أنه أم الأرواح . فكما كان آدم عليه السلام أبا البشر ، كان النبي صلى الله عليه وسلم أبا الأرواح وأمها ، كما كان آدم أبا وحواء أما » .
وقال الشيخ إسماعيل حقي البروسوي قدس الله سره في { روح البيان } :« معنى الأمي : أنه أم الموجودات وأصل المكونات … فلما كان صلى الله عليه وسلم هو أول الموجودات وأصلها سمي : أمياً ، كما سميت أم القرى لأنها كانت مبدأ القرى وأصلها ، كما سمي أم الكتاب » .قلت :
هــيَ الذّاتُ أمٌّ قــــدْ تَجَلَّـــــتْ بِرَقْمِهِ ** فـسُمِّيَّ بـــالأُمِّي انْتِسَابًا لأُمِّــهِ
وهلْ تَرى في الأسرارِ طَسْمًا كطَسْمِهِ ** وسـَيَّانَ ذا في سِرِّهِ وفي رَسْمِـهِ
وهلْ تَرى فَرضَ العَـينِ في الحِقِ كالنَّدْبِ
ومن معاني الأمّيّة عند أهل العرفان كذلك ، أنها حضرة الجمع المحمدي للأسرار والأنوار والآثار ، حيث سياق الآية التي ورد فيها لفظ الأميّ ، يشير إلى ذلك إن تأملناها في هاته الآيتين : {الَّذِينَ يَتَّبِعُونَ الرَّسُولَ النَّبِيَّ الْأُمِّيَّ الَّذِي يَجِدُونَهُ مَكْتُوبًا عِنْدَهُمْ فِي التَّوْرَاةِ وَالْإِنْجِيلِ } وقوله تعالى {قُلْ يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنِّي رَسُولُ اللَّهِ إِلَيْكُمْ جَمِيعًا الَّذِي لَهُ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ يُحْيِي وَيُمِيتُ فَآَمِنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ النَّبِيِّ الْأُمِّيِّ }
فالكلام هنا يعني الأمم جمعاء ، وبالأخص أهل الكتب والبعثات السابقة ، الذين استنكفوا عن أن يتبعوه صلى الله عليه وسلم ، بدعوى استعصامهم بأنبيائهم ، فجاء لفظ الأمية على هذا المضمار ، وإلا لكان فيه مذمة ومنقصة للحبيب صلى الله عليه وسلم ، حيث أن الخطاب موجه لأعدائه صلى الله عليه وسلم .
فعلى الأقل لو كان الآيات في معرض منة من الحق سبحانه على حبيبه صلى الله عليه وسلم أن قد علمه وهداه ، لقلنا أن ذاك ممكنا ، بل وإن هذا كذلك لا يجوز ، عند من فقه دين المحبة ، فبربك هل ترى حبيبا يوبخ حبيبه ، فضلا عن أن يكون ذلك في مشهد ومرأى من الغير ، فما بالك إن كان الغير هم أعداء حبيبه .
ومنهم من أوّل تلك الأمية ، أنها تلك الفطرة المجردة عن ما سوى الحق سبحانه ، إلا من طريق العلم بالله تعالى ، وهذه حال من تولت الذّات الإلهية ، تربيته فلم تكله إلى أيادي الآثار والأغيار ، مصداقا لقوله تعالى {أَلَيْسَ اللَّهُ بِكَافٍ عَبْدَهُ } فلذا ظهر بالقرآن وهو صفة العلم القديم المطلّق ، مع أنه لم يتسبب في طلب العلم المعتاد ، فكفى بهذا إعجازا .
قال الشيخ ابن عطاء الأدمي قدس الله سره : « الأمّي : هو الأعجمي ... أعجميا عما دوننا [ دون الله تعالى ] عالماً بنا ، وبما ينـزل عليه من كلامنا وحقائقنا … الأمي : من لم يعلم من الدنيا شيئاً ولا من الآخرة إلا ما علمه ربه ، حالته مع الله حالة واحدة وهي الطهارة : بالافتقار إليه ، والاستغناء عما سواه.
خلاصة
إذا نستنخلص مما حققناه ، أن معنى الأمية في حضرته صلى الله عليه وسلم ليست هي الجهل فحاشا وحاشا ، وإنما هي مقام يتناسب مع كماله الذاتي صلى الله عليه وسلم فهي إما أن يشار بها إلى ذاتية حقيقته المحمدية ، أو إلى جمعية روحه الشريفة للموجودات وإمداداتها . أو إلى هيمنة هيكله الأنموذجي ، على دوائر التجليات الخلقية والأمرية ما تنزل منها وظهر .
فمن هنا سمي كذلك ، من إنتمى أو انتسب إليه أميّا ، فالخلق كلهم أميّون ، باعتبار النسبة المحتدية ، الوجودية منها و الإمدادية ، وبالأخص أمته الأمية باعتبار نسبة البعثة ، مصداقا لقوله تعالى {هُوَ الَّذِي بَعَثَ فِي الْأُمِّيِّينَ رَسُولًا مِنْهُمْ } ، وكذا آل بيته عليهم السلام هم أميون باعتبار نسبة القربى .. وهكذا .
ألا إن معنى الأمية في حق سيدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم ليست هي الجهل بالحروف ورسومها ، فتقدس عبدٌ ربّته الذات العلية على الكمال اللاهوتي المطلق ، عن أن يتدنس بنقائص الطبائع البشرية .
كيف وهو الذي علم سيدنا آدم عليه السلام الأسماء كلها ، إبان ماخلّفه عنه في النزلة الآثارية ، حيث أنّ الأسماء تشتق من ذواتها ، وإن الحقيقة المحمدية هي مجلى الذات ومثالها .
فما عِلْـمٌ في الوجود إلا من ذاته تنزل ، على حسب القوابل والاستعدادات ،إذا فهو العليم المعلم الأعلم ، تحققا ذاتيا أحديا ، من أول قدم على ماجرى في القدم .
وقل تعالت رتبة النبوة ، التي هي منهل العلم والعرفان ، بالحضرات الآزلية الحقانية ، فضلا عن الأكوان الحادثات . عن وسمة الجهل ، حيث أن النبوة لازمة لحضرة روحه الشريفة ، حال تنزل حقيقته المحمدية إلى الرتبة الواحدية ، يعني هذا أن النبوة مع عظمها وحيطتها ، ليست هي إلا تنزل منه صلى الله عليه وسلم .
أمّا حقيقته مقاماته التي عليها قام كماله الأحدي اليتيم ، فهي من وراء تلكم التعينات الإمكانية ، المقيدة بالحدود والتشكلات ، ومن تلك المقامات داركة العلم فيه صلى الله عليه وسلم مع تنزيه حضرته المطلقة ، عن مثل هذا التقييد ، حيث أنه صلى الله عليه وسلم مظهر لعِلم الذات الأقدس ، المحيط والمهيمن على كل الكل ، وذلك مما وراء التعينات النعوتية ، علاوة عن المدارك الآثارية .
أوَ ترى أيها العارف البصير ، أن بعد التحقق العيني ، بالسّعة الذاتية ، جهل أو ريبة أو نقصان ، فتعالى الله عما يقولون علوا كبيرا.
تحقيق وعرفان
قال تعالى : { وَلَوْ رَدُّوهُ إِلَى الرَّسُولِ وَإِلَى أُولِي الأَمْرِ مِنْهُمْ لَعَلِمَهُ الَّذِينَ يَسْتَنْبِطُونَهُ مِنْهُمْ } ألا وإن الأمور المتعلقة بالحضرة السيادية ، هي أولى ما يجب علينا إرجاعه إلى أهلها ، إذ أن الخطأ هنا أخطر ما يكون . {ذَلِكَ وَمَنْ يُعَظِّمْ حُرُمَاتِ اللَّهِ فَهُوَ خَيْرٌ لَهُ عِنْدَ رَبِّهِ} {ذَلِكَ وَمَنْ يُعَظِّمْ شَعَائِرَ اللَّهِ فَإِنَّهَا مِنْ تَقْوَى الْقُلُوبِ } وإن لم يكن حبيب الله صلى الله عليه وسلم من حرمات الله ومن شعائر الله ، فما هي إذا .
ومعلوم أن لكل فن أربابه ، هم من يستنبطونه ويذودون عن حياضه ، وأهل هذا الفن هم العارفون بالله وبحبيه صلى الله عليه وسلم فوجب الرجوع لهم ، لفهم النصوص الشرعية التي تعنيه صلى الله عليه وسلم .
وبعد فإن التحقيق في معنى الأمية ، عند أهل الحق رضي الله عنهم ، أنها هي النسبة الذاتية ، إذا فقولنا النبي الأمي معناه { النبي الذاتي .
وذلك لأن الذات لما كانت هي أصل التجليات الوجودية والإمدادية على الإطلاق ، سميت بالأم تحقيقا ، لأن من معاني الأم لغة الأصل ، ومن انتسب إلى الأم يقال له أمي ، كما قيل في من بقي على حاله يوم ولدته أمه أميّا ، ومن هذا المعنى اختلط الفهم على من نسبه صلى الله عليه وسلم إلى هذه الأمية ، فتنزه وتحاشا عن هذا .
وعلى منوال هذا التحقيق والإستنباط العرفاني ، يجوز إرجاع هذه النسبة الأميّة على روحه الأم صلى الله عليه وسلم ، ومن اليقين عندنا أن روحه الشريفة صلى الله عليه وسلم ، هي أصل التجليات وأم الموجودات ، وقاسمة الإمدادات الربانية ، على المحيط الإمكاني ،فمن أجل ذلك سمي بالأميّ صلى الله عليه وسلم .
قال الشيخ نجم الدين الكبرى قدس الله سره : « الأرواح كلها خلقت من روح النبي صلى الله عليه وسلم ، وأن روحه أصل الأرواح ، ولهذا سمى : أمياً ، أي : أنه أم الأرواح . فكما كان آدم عليه السلام أبا البشر ، كان النبي صلى الله عليه وسلم أبا الأرواح وأمها ، كما كان آدم أبا وحواء أما » .
وقال الشيخ إسماعيل حقي البروسوي قدس الله سره في { روح البيان } :« معنى الأمي : أنه أم الموجودات وأصل المكونات … فلما كان صلى الله عليه وسلم هو أول الموجودات وأصلها سمي : أمياً ، كما سميت أم القرى لأنها كانت مبدأ القرى وأصلها ، كما سمي أم الكتاب » .قلت :
هــيَ الذّاتُ أمٌّ قــــدْ تَجَلَّـــــتْ بِرَقْمِهِ ** فـسُمِّيَّ بـــالأُمِّي انْتِسَابًا لأُمِّــهِ
وهلْ تَرى في الأسرارِ طَسْمًا كطَسْمِهِ ** وسـَيَّانَ ذا في سِرِّهِ وفي رَسْمِـهِ
وهلْ تَرى فَرضَ العَـينِ في الحِقِ كالنَّدْبِ
ومن معاني الأمّيّة عند أهل العرفان كذلك ، أنها حضرة الجمع المحمدي للأسرار والأنوار والآثار ، حيث سياق الآية التي ورد فيها لفظ الأميّ ، يشير إلى ذلك إن تأملناها في هاته الآيتين : {الَّذِينَ يَتَّبِعُونَ الرَّسُولَ النَّبِيَّ الْأُمِّيَّ الَّذِي يَجِدُونَهُ مَكْتُوبًا عِنْدَهُمْ فِي التَّوْرَاةِ وَالْإِنْجِيلِ } وقوله تعالى {قُلْ يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنِّي رَسُولُ اللَّهِ إِلَيْكُمْ جَمِيعًا الَّذِي لَهُ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ يُحْيِي وَيُمِيتُ فَآَمِنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ النَّبِيِّ الْأُمِّيِّ }
فالكلام هنا يعني الأمم جمعاء ، وبالأخص أهل الكتب والبعثات السابقة ، الذين استنكفوا عن أن يتبعوه صلى الله عليه وسلم ، بدعوى استعصامهم بأنبيائهم ، فجاء لفظ الأمية على هذا المضمار ، وإلا لكان فيه مذمة ومنقصة للحبيب صلى الله عليه وسلم ، حيث أن الخطاب موجه لأعدائه صلى الله عليه وسلم .
فعلى الأقل لو كان الآيات في معرض منة من الحق سبحانه على حبيبه صلى الله عليه وسلم أن قد علمه وهداه ، لقلنا أن ذاك ممكنا ، بل وإن هذا كذلك لا يجوز ، عند من فقه دين المحبة ، فبربك هل ترى حبيبا يوبخ حبيبه ، فضلا عن أن يكون ذلك في مشهد ومرأى من الغير ، فما بالك إن كان الغير هم أعداء حبيبه .
ومنهم من أوّل تلك الأمية ، أنها تلك الفطرة المجردة عن ما سوى الحق سبحانه ، إلا من طريق العلم بالله تعالى ، وهذه حال من تولت الذّات الإلهية ، تربيته فلم تكله إلى أيادي الآثار والأغيار ، مصداقا لقوله تعالى {أَلَيْسَ اللَّهُ بِكَافٍ عَبْدَهُ } فلذا ظهر بالقرآن وهو صفة العلم القديم المطلّق ، مع أنه لم يتسبب في طلب العلم المعتاد ، فكفى بهذا إعجازا .
قال الشيخ ابن عطاء الأدمي قدس الله سره : « الأمّي : هو الأعجمي ... أعجميا عما دوننا [ دون الله تعالى ] عالماً بنا ، وبما ينـزل عليه من كلامنا وحقائقنا … الأمي : من لم يعلم من الدنيا شيئاً ولا من الآخرة إلا ما علمه ربه ، حالته مع الله حالة واحدة وهي الطهارة : بالافتقار إليه ، والاستغناء عما سواه.
خلاصة
إذا نستنخلص مما حققناه ، أن معنى الأمية في حضرته صلى الله عليه وسلم ليست هي الجهل فحاشا وحاشا ، وإنما هي مقام يتناسب مع كماله الذاتي صلى الله عليه وسلم فهي إما أن يشار بها إلى ذاتية حقيقته المحمدية ، أو إلى جمعية روحه الشريفة للموجودات وإمداداتها . أو إلى هيمنة هيكله الأنموذجي ، على دوائر التجليات الخلقية والأمرية ما تنزل منها وظهر .
فمن هنا سمي كذلك ، من إنتمى أو انتسب إليه أميّا ، فالخلق كلهم أميّون ، باعتبار النسبة المحتدية ، الوجودية منها و الإمدادية ، وبالأخص أمته الأمية باعتبار نسبة البعثة ، مصداقا لقوله تعالى {هُوَ الَّذِي بَعَثَ فِي الْأُمِّيِّينَ رَسُولًا مِنْهُمْ } ، وكذا آل بيته عليهم السلام هم أميون باعتبار نسبة القربى .. وهكذا .