( حضرة الوحدة )



سيدي احمد ابن ادريس الحسني قدس الله سره
إن العقل الأول لما كان مستقرا في كهوف الأزل وليس إلا هيولاه كان يُفيض على نفسه بنفسه ثم لما وقع الظهور وانتشرت أعيان الموجودات اقتضت المملكة أن تركَّب من إطلاق وتقييد. أما التقييد فهو الهيكل الجسماني المركب من العناصر الأربع والطبائع الأربع لأن منها ركبت بسيطة الأرض فهو المناسب لها. ولاشك أن هذا الشبح لابد له من مدبر وليس إلا جوهر الإطلاق الروحي .
فاعلم أن الجناب الأقدس لما أبرز الجوهرة الأحمدية صار ينبجس من عين ماهيتها كل شيء شيء في الوجود، فما برز للظهور قبل ظهورها شيء لأن الحضرة حضرة حرارة ولولا بَسْط الروح الكلية أشعتها الرحمانية على تلك الدوائر والمنازل ما أعطت للتكثر فخالطت الحرارة برودة فبرزت الوحدات بين حرارة وبرودة ورطوبة ويبوسة. ولو خلِّيت الحرارة وسبيلَها لما ظهر مقتضى من المقتضيات لأن ليس ثم قابلية تقبل الانتشار لو بقى شأن الحرارة وحدها لأنها لا تثبت المخاطب حتى يخاطب فيوجد ولو خلِّيت البرودة أيضا وسبيلَها لما ظهر أيضا مقتضى من عالم المحدثات لأن العالم لو خوطب أولا من غير مخالطة سطوة القهر لما أجابوا، بل لما يقول لهم (ألست بربكم) يقولوا نعم لأنهم لم تتقدم لهم خبرة بالمعروف، لكن لما اتحدت الحرارة وبرودة الكافور المعنوي برزت مقتضيات الأسماء والصفات وهي العوالم. اهـ ( من الدر النفيس)