الشيخ
أحمد التّجاني الحسني قدس الله سره
أول موجود أوجده الله تعالى من حضرة الغيب هو روح سيّدنا محمّد
صلّى الله عليه وسلّم ، ثمّ نَسَلَ الله أرواح العالم من روحه صلّى الله عليه
وسلّم ، والروح ههنا هي الكيفيّة التي بها مادة الحياة في الأجسام ، وخلق من روحه
صلّى الله عليه وسلّم الأجسام النورانيّة كالملائكة ومن ضاهاهم ، وأمّا الأجسام الكثيفة
الظلمانيةّ فإنّما خلقت من النسبة الثانية من روحه صلّى الله عليه وسلّم ، فإنّ
لروحه صلّى الله عليه وسلّم نسبتين أفاضهما على الوجود كلّه ، فالنسبة الأولى نسبة
النور المحض ، ومنه خلقت الأرواح كلّها والأجسام النورانيّة التي لا ظلمة فيها ،
والنسبة الثانية من نسبة روحه صلّى الله عليه وسلّم نسبة الظلام ، ومن هذه النسبة
خلق الأجسام الظلمانيّة كالشياطين وسائر الأجسام الكثيفة والجحيم ودركاتها ، كما
أنّ الجنّة وجميع درجاتها خلقت من النسبة النورانيّة ، فهذه نسبة العالم كلّه إلى
روحه صلّى الله عليه وسلّم
.
أمّا حقيقته المحمّديّة صلّى الله عليه وسلّم فهو أوّل موجود أوجده الله تعالى من حضرة الغيب ، وليس عند الله من خلقه موجود قبلها ، لكن هذه الحقيقة لا تعرف بشيء . وقد تعسّف بعض العلماء بالبحث في هذه الحقيقة ، قال : إنّ هذه الحقيقة مفردة ليس معها شيء ، فلا تخلو إمّا أنْ تكون جوهرا أو عرضا . فإنّها إنْ كانت جوهرا افتقرتْ إلى المكان الذي تحلّ فيه فلا تستقلّ بالوجود دونه ، فإن وجدت مع مكانها دفعة واحدة فلا أوّليّة لها لأنّهما اثنان ، وإنْ كانت عرضا ليست بجوهر فالعرض لا كلام عليه ، إذ لا وجود للعرض إلاّ قدْر لمحة العين ثمّ يزول . أين الأوّليّة التي قلتم ؟ والجواب عن هذا المحطّ : أنّها جوهر حقيقة له نسبتان ، نورانية وظلمانية . وكونه مفتقرا إلى المحلّ لا يصحّ هذا التحديد لأنّ هذا التحديد يعتدّ به من تثبّط عقله في مقام الأجسام ، والتحقيق أنّ الله تعالى قادر على أن يخلق هذه المخلوقات في غير محلّ تحلّ فيه ، وكون العقل يقدّر استحالة هذا الأمر بعدم الإمكان بوجود الأجسام بلا محلّ فإنّ تلك عادة أجراها الله تثبّطَ بها العقلُ ولم يطلق سراحه في فضاء الحقائق ، ولو أطلق سراحه في فضاء الحقائق لَعَلِمَ أنّ الله قادر على خلق العالم في غير المحلّ . وحيث كان الأمر كذالك ، فالله تعالى خلق الحقيقة المحمّديّة جوهرا غير مفتقر إلى المحلّ ، فلا شكّ أنّ من كشف له عن الحقيقة الإلهيّة علم يقينا قطعيّا أنّ إيجاد العالم في غير محلّ ممكن إمكانا صحيحا .
أمّا حقيقته المحمّديّة صلّى الله عليه وسلّم فهو أوّل موجود أوجده الله تعالى من حضرة الغيب ، وليس عند الله من خلقه موجود قبلها ، لكن هذه الحقيقة لا تعرف بشيء . وقد تعسّف بعض العلماء بالبحث في هذه الحقيقة ، قال : إنّ هذه الحقيقة مفردة ليس معها شيء ، فلا تخلو إمّا أنْ تكون جوهرا أو عرضا . فإنّها إنْ كانت جوهرا افتقرتْ إلى المكان الذي تحلّ فيه فلا تستقلّ بالوجود دونه ، فإن وجدت مع مكانها دفعة واحدة فلا أوّليّة لها لأنّهما اثنان ، وإنْ كانت عرضا ليست بجوهر فالعرض لا كلام عليه ، إذ لا وجود للعرض إلاّ قدْر لمحة العين ثمّ يزول . أين الأوّليّة التي قلتم ؟ والجواب عن هذا المحطّ : أنّها جوهر حقيقة له نسبتان ، نورانية وظلمانية . وكونه مفتقرا إلى المحلّ لا يصحّ هذا التحديد لأنّ هذا التحديد يعتدّ به من تثبّط عقله في مقام الأجسام ، والتحقيق أنّ الله تعالى قادر على أن يخلق هذه المخلوقات في غير محلّ تحلّ فيه ، وكون العقل يقدّر استحالة هذا الأمر بعدم الإمكان بوجود الأجسام بلا محلّ فإنّ تلك عادة أجراها الله تثبّطَ بها العقلُ ولم يطلق سراحه في فضاء الحقائق ، ولو أطلق سراحه في فضاء الحقائق لَعَلِمَ أنّ الله قادر على خلق العالم في غير المحلّ . وحيث كان الأمر كذالك ، فالله تعالى خلق الحقيقة المحمّديّة جوهرا غير مفتقر إلى المحلّ ، فلا شكّ أنّ من كشف له عن الحقيقة الإلهيّة علم يقينا قطعيّا أنّ إيجاد العالم في غير محلّ ممكن إمكانا صحيحا .