( النبوة الكلية )



قال الشيخ التجاني قدس سره : ( في شرحه على الهمزية ) عند قوله :
إنما مثلوا صفاتك للنا ** س كما مثل النجوم الماء
أي أن جميعهم نواب عنه في الرسالة وخلفاء له في مراتبه صلى الله عليه وسلم فالرسول المحقق لجميع الوجود هو صلى الله عليه وسلم إلا أنه حيث كان في حجاب الغيب بحقيقته المحمدية ، أقامهم نوابا عنه في الرسالة في ظاهر الوجود ، فظهروا برسالته نوابا عنه وأمدهم بأسراره وصفاته القدسية ، فانطبعت فيهم بسر المقابلة كما تنطبع النجوم في الماء ... ».
وقال سيدي الكتاني قدس الله سره: ( في الرقائق الغزلية 
وانه صلى اللـه عليه وسلم من يوم برز أفاض الحق عليه مقتضيات الأسماء والصفات ما صار به نبيئا في تلك الزوايا. إذ النبوءة عبارة عن إفاضة الحق على سطح عوالم هيكله من الكمالات والمقتضيات، ما صار به هيولى تنطبع فيه سائر الأشكال والصور.
وقال سيدي الكتاني قدس الله سره: ( في الرقائق الغزلية 
لا شك أن جواهر العوالم كلـها منبجسة من نفس معناه وحسه. وعليه فالمراد كنت نبيئا حقيقة وآدم الذي هو عنصر الـهياكل بين روحي الكلية وجسدي الذي هو أصل المواد. فالمراد روحه صلى اللـه عليه وسلم وجسده هو، لا روح سيدنا آدم وجسده .
قال الفرغاني قدس الله سره:
وكل نبي من آدم عليه السلام إلى محمد صلى الله عليه وسلم مظهر من مظاهر نبوة الروح الأعظم . فنبوته ذاتية دائمة , ونبوة المظاهر عرضية منصرمة , إلا نبوة محمد صلى الله عليه وسلم , فإنها دائمة غير منصرمة , إذ حقيقته حقيقة الروح الأعظم , وصورته صورة الحقيقة التي ظهر فيها بجميع أسمائها وصفاتها . وسائر الأنبياء مظاهرها ببعض الأسماء والصفات . تجلت في المظهر المحمدي بذاتها وجميع صفاتها , وختم به النبوة , فكان الرسول صلى الله عليه وسلم سابقا على جميع الأنبياء من حيث الحقيقة , متأخرا عنهم من حيث الصورة , كما قال : نحن الآخرون السابقون , وقال : كنت نبيا وآدم بين الماء والطين : وفي رواية أخرى : بين الروح والجسد : أي لا روحا ولا جسدا.
وقال سيدي الكتاني قدس الله سره: ( في خبيئة الكون 
فإن النبي صلى الله عليه وسلم رقى جميع أمته بما أسدى على يديه من النعماء والآلاء، بل استرق الأمم المتقدمة لأنه الرسول الاستقلالي ونبي الأنبياء، وما من نبي ولا رسول منهم إلا وكان يُبعث بجزئيات، وكليات من شرعته العامة، ثم تبطن تلك الورقات التي هي من ألواح المحو وتظهر ورقات أخرى هي من ألواح الإثبات إذا أمر رسول آخر بالدعوة ولم تزل الورقات والألواح تبدوا وتبطن إلى أن استدار فلك البطون واستدار الزمان فرجعت جهة الزمان التي كانت غيبية جهة شهادية .
وقال سيدي الكتاني قدس الله سره: ( في خبيئة الكون 
ثم لما كان ينبغي أن تدوم هذه العناية لهذا البرزخ الأحمدي وتظهر في كل زمان بحسبه أبرز تعالى صور الأنبياء-عليهم السلام- في كل عصر ليظهروا الشرائع, فالخليفة واحد باعتبار صور الكثرات، ثم لما كان هذا النور الأعظم نبيًّا ولا آدم ولا ماء ولا طين؛ لأن نوره أصل الأنوار وتعينه أصل التعينات فنبئت روحه قبل الأرواح وبين الأرواح ونبوة غيره لم تتحقق إلا حين بعث ، ثم لما كانت الولاية أيضًا أصالة لهذه فنبوة غير مظهر من مظاهر نبوته  الحقيقة الأحمدية، كما قدمناه كان هذا النور الأحمدي وليًّا وآدم بين الروح والجسد وولاية غيره بالتبع له.
وقال الإمام السبكي قدس الله سره :
إن سيدنا محمدًا صلى الله عليه وسلم نبي الأنبياء فهو كالسلطان الأعظم وجميع الأنبياء كأمراء العساكر ولو أدركه جميع الأنبياء لوجب عليهم اتباعه إذ هو مبعوث إلى جميع الخلق من لدن آدم إلى قيام الساعة، فكانت الأنبياء كلهم نوابه مدة غيبة جسمه الشريف، وكان كل نبي يبعث بطائفة من شرعه لا يتعداها, انتهى. والله شكور حليم.
الشيخ أبو العباس المرسي قدس الله سره :
اعلم أنّ الأنوار الظاهرة في أولياء الله إنمّا هي من إشراق أنوار النبّوة عليهم، فمثل الحقيقة المحمدية كالشمس، وقلوب الأولياء كالأقمار، وإنمّا أضاء القمر لظهور نور الشمس فيه ومقابلته إياها، فإذا الشمس منيرة نهاراً، ومضيئة أيضاً ليلاً، لظهور نورها في القمر الممدود منها، فإذا هي لا غروب لها، فقد فهمتَ من هذا أنّه يجب دوام أنوار الأولياء لدوام ظهور نور رسول الله فيهم، فالأولياء آيات الله يتلوها على عباده بإظهاره إياهم واحداً بعد واحد: {تلك آيات الله نتلوها عليك بالحق} (لطائف المنن للشعراني)