درة الكمالات



للشيخ محمد حسين الغروى الاصفهانى رحمه الله :

أَشْرَقَ كالشَّمْسِ بِغيرِ حاجِبِ *** مِن مَشرِقِ الوُجوب نورُ الواجبِ
أو مِن سَمـاء عـالَمِ الأسمـاءِ *** نـورُ المحمــّديّةِ البَيضـاءِ
لقـــدْ تَجَلّى‌ مَبدءُ المبادي *** مِن مَصْدَرِ الوُجُودِ و الإيجـادِ
مِن أمْرِهِ الماضي على الأشياءِ *** أو علمِهِ الفعلـيِّ و القضائي
رقـيقـةُ المشيـئةِ الفِعْلِيّـهْ *** أوِ الحقيـقـةُ المُحَمَــدِيَّـهْ
أو هُوَ نـَفْسُ النَّفَسِ الرَّحْماني *** بِـصُورةٍ بـديعةِ المـعــاني
أو فيضُهُ المقــدّسُ الإطلاقي *** فاضَ على الأنفُـسِ و الآفاقِ
أوْ أنّهُ حَقــيقَةُ المـــثاني *** و عندَ أهلِ ا لحقِّ لـيسَ ثانِ
لا بلْ هـوَ الحـقُّ فَمَن رآهُ *** فَقدْ رأى الحقَ فما أجْـلاهُ
إذْ مُقْتَضى الفَناءِ في الشُّهُودِ *** عَيْنِـيَّةُ الشّاهدِ و المَــشْهُودِ
هُوَ التَّجَلِّي التاّمُ والمَجْـلى الأتمّْ *** ومَالِكُ الحَدَثِ سلطانُ القِـدمْ
أبـُو العُقُولِ والنُّفُوسِ والبَشَرْ *** وقُوَّةُ القِوَى وصُـورَةُ الصُّوَّرْ
ولَوحُ ألـواحِ مَجامعِ الحِكَمْ *** أو قَلَمُ الأقْلامِ أو أَعلى القلَمْ
أصلُ الأُصولِ فَهْوَ عِلّةُ العِلَلْ *** عَقلُ العقولِ فهْوَ أولُ الأُوَلْ
حَـقِيقَةُ الحقائِقِ الكُــلِّيَّهْ *** وجَــوهَرُ الجَواهرِ العُـلْوِيَّهْ
وُجـودُهُ جَمعُ جـوامِعِ الكَلِمْ *** والجَوْهَرُ الفَـرْدُ الّذي لا يَنقسِمْ
هُوَ العَزِيزُ والشَّدِيدُ في القِوَى *** والمَلِكُ الّذي عَلى العَرْشِ اسْتِوى
عــرشُ الهُــوِّيَةِ المُحَمَّدِيَّهْ *** مَقامُــهُ المَحْمُــودُ بالخَتْمِيَّهْ
هُـوَ المَدارُ في المُحِيطِ الأَعْظَمِ *** بِهِ انْــتِظامُ عَـقدِهِ المُـنَظَّمِ
بلْ هُـوَ في دائِـرَةِ الـدَّوَائِرْ *** مُـديرُها عنـدَ أُوْلِي البَصائِـرْ
و المَـلأُ الأَعْلى حَرِيمُ بابِـهْ *** والعـرشُ مرقاةٌ إلى جنابِــهِ
فاتِحَـةُ الوُجُودِ خاتِمُ الرُّسُلْ *** جَلّ عنِ الثَّنَاءِ ما شِئْتَ فَقُلْ
غَيبُ الغُيُوبِ سِـرُّ سِرّ ذاتِـهْ *** وعالَمُ الأسْمـاءِ مِـن صفاتِـهْ
ونُسْخَةُ اللاّهُوتِ نَقْشُ جَبْهَتِهْ *** بلْ هِيَ ذاتُ بَهْـجة‌ٍ بِبَهْجَتِـهْ
طَلْعَتُـهُ الغَـرَّاءُ في الظُّـهُورِ *** صِرفُ الظُّهُورِ فَهْوَ صِرفُ النُّورِ
ظُهُورُهُ ظُهُورُ نامُـوسِ الأزلْ *** فَلا يَـزالُ ظاهـراً ولم يـزلْ
ونُـورُهُ المُحِـيطُ بالأنــوارِ *** يَجِـلُّ أنْ يُـدْرَكَ بالأبْـصارِ
* * *
كلُّ وُجُودٍ هوَ مِّنْ وُجُودِهْ *** فَكلُّ مَوْجُودٍ رَهِــينُ جُودِهْ
وعالَمُ الإبْداعِ مِن ظُهُـورِهْ *** ونَشْأَةُ الـتَّكْوِينِ ظِلُّ نُـورِهْ
بَلْ هوَ رُوحُ عـالَمِ الأرواحِ *** وجاعلُ الأرواحِ في الأشْـباحِ
وهْـَو حَياةُ عالَمُ الإمْـكانِ *** مُحَــدِدُ الـزّمانِ والمَـكانِ
وأينَ مـنهُ عالِياتُ الأحُرفِ *** إنْ هِيَ إلاّ نُـقْطَةٌ في المُصحَفِ
مِن مُـنْشَئآتِ فَضْلِهِ المـبينِ *** صَحِيفَةُ الإبْداعِ والتَّــكوينِ
لَوحُ الوُجُودِ كلُهُ نَقْشُ يَــدِهْ *** وكـلُّهُ مِـدادُهُ مِـن مـددِهْ
لابَدْعَ مِن تِلكَ اليَّدِ الفَيَّاضَهْ *** إنّ يـدَ اللهِ يَـدُ الإفـاضَهْ
في كَفِّـهِ تُــسبِّحُ الحَصـاةُ *** فهْـيَ لِــكلِّ مُمْـكِنٍ حَـياةُ
وما الكَلِيمُ ما العَصا وما الحجَرْ *** فـهْوَ بِسَّبابَتِهِ شُـقَّ القـمَرْ
وقَلبُهُ مَجْلى الـتَّجَلّي الـذّاتي *** وصَــدرُهُ خِزانَـةُ الحـيَاةِ
خزانةُ الأسـرارِ والمــعارفْ *** وما بـهِ حَـياةُ كلِّ عارفْ
وعَـيْنُهُ عنـدَ ذَوِي الأبْصارِ *** عَـينُ عُـيُونِ عالِمِ الأسْـرارِ
ومـا رَواهُ لَيلَةَ الاسْــراءِ *** يَخْتَصُّ عِـلْمُهُ بِعَـينِ الرّائـي
و سمـعُه المُلَتَـذُّ بالخِـطابِ *** بابٌ إلى الغيبِ وأىُّ بـابِ
بلْ كُـلُّهُ للهِ سَمـعٌ وبَصَرْ *** لا مَـلَكٌ يُـشْبِهُهُ ولابَـشَرْ
* * *
كـلامُـهُ القُرآنُ والفُرقانُ *** وهْـوَ لِسِرّ ذاتِـهِ عُـنْوانُ
فهْـوَ لِسانُ اللهِ جَلَّ شأنُـهُ *** في وَحْـيِهِ لَهُـوَ تُـرجُمانُهُ
لُبُّ لُبابِ العِلْمِ في كتابِـهْ *** أكرِمْ بِمَن أتى ومـا أتى بِـهْ
كَفاهُ في بَـلاغَةِ البَـيانِ *** ما فِـيهِ مِـن بَـدائِعِ المَعاني
فيهِ أُصُولُ الكَلِمَاتِ المُحْكَمَهْ *** وكلُّ ما في الصُّحُفِ المُـكَرَّمَهْ
وفيهِ بالنَّصِّ الصَّرِيحِ والأَثَرْ *** كلُّ صَغِـيرٍ و كبيرٍ مُـْستَطَرْ
دلائِـلُ الإعْجازِ في آياتِـهْ *** بِـذاتِـهِ مُـصَدِّقٌ لِـذاتِـهْ
يَزْدادُ في مَرِّ الدّهورِ نُوراً *** وزادَهُ خفائُــهُ ظُـهُـوراً
وفيـه مِن جَواهِرِ الأسرارِ *** مـا لا تَمَـسَّهُ يَــدُ الأفكارِ
* * *
ودِينُهُ في رُتْـــبةِ الكَمالِ *** شَرِيـعةُ الجـَلالِ والجـمالِ
فضائِلُ الشَّرائِـعِ المُـعَظَّمَهْ *** في طَيِّها بِكلِّ مَـعْنى الكلِمهْ
فإنّـها خاتِمَةُ الشّرائــعْ *** كأنّـها لَـها مِنَ الطّلائـعْ
شَريعَـةٌ طَيِّبـةُ المَــوارِدْ *** زُلالُـها عَـذْبٌ لِكـلِّ وارِدْ
ماءُ الحياةِ مِن مَعِينِ مائِها *** وبَهجَةُ الفِرْدَوسِ مِن صفائِـها
شَريعـةٌ رِيّاضُها أَنِــيقَهْ *** و غَـرسُها على‌ يَـدِ الحقِيقَهْ
على يَـدِ الخَبِيرِ بالمـصالِحْ *** أكْرِمْ بِـهِ مِن مُرشِدٍ و ناصِح
* * *
وبابُـهُ بابُ نجــاةِ الكلِّ *** وفي فِنائِــهِ حيـاةُ الكـلِّ
وصَفْوَةُ الصَّفِيِّ مِن صفائهْ *** وخُلّةُ الخلِيلِ مِـن وفائِــهْ
ساحلُ فَضْلِهِ أمانُ الملتجي *** بِهِ الْتَجَى نُـوحٌ فَسُمِّيَّ النَّجِيْ
مُقْتَبَسٌ مِن نُـورِهِ الكليمُ *** وفي فِـناءِ طَــوْرِهِ مُـقِيمٌ
فازَ المَسِيحُ في الصِّبَا بِعَهْدِهِ *** كأنَّـهُ كانَ رَضِيعَ مَــهْدِهِ
وما المَسِيحُ والعُرُوجُ في السَّمَا *** فهْوَ إلى فـوقِ السَّمواتِ سَمَـا
فازَ بِأَرْقى رُتَـبِ الشُّهُودِ *** وغـايَةُ الغاياتِ في الصُّـعُودِ
شاهدَ في عُروجِهِ الكَنزَ الخَفِي *** ونالَ مِـن أدْناهُ أقْصَى الشَّرَفِ
واتَّصَلَ الظِّلُّ بِذِي الظِّلِّ فَلا *** أرفعَ مِـنهُ مَـنْزِلاً ومَوْئِلاً
* * *
هـوَ النَّبِيُّ حِـينَ لا آدَمُ بَلْ *** ولا وُجُودَ غَـيرُهُ عَـزَّ وَجَلْ
كانَ ولَم يَكُن مَعَ اللهِ أحدْ *** والواحِـدُ المُطلَقُ أولُ العَدَدْ
بلْ هُوَ في مَـراتِبِ الإيجـادِ *** وُجُـودُه مُـقَدَمُ الأعْـدادِ
لهُ لِواءُ الحمْدِ والنَّصْرُ مَـعَهْ *** فـازَ بظِلِّهِ غَـداً مَن تَـبِعَهْ
وِلايةُ اللهِ لـهُ على الـورى *** مِن غَـيرِ حَدٍّ أولاً وآخـراً
وكيفَ ؟ وَهْوَ ظِلُّـهُ المَمْدُودُ *** أنّى لهُ الحُـدُودُ والقُـيُودُ
كلُّ نبـيٍّ هو تحتَ رايـتِهْ *** كـلُّ وليٍّ هـوَ في وِلايَتِـهْ
وكلُّ شَيءٍ خاضِعٌ لأمْـرِهْ *** وكلُّ وَصْفٍ هُـو دُونَ قَدْرِهْ
وما لِـسانُ الشِّعْرِ ما أطْراهُ *** لـوحُ الوُجُودِ كُلُّـهُ ثَنائُـهْ
كفاهُ مَدْحاً مَدحُ مَن سَـوَّاهُ *** وجـلَّ أنْ يُــدْرِكَهُ سِواهُ
ومِن كِتابِـهِ المَجِيدِ ظاهرَهْ *** آياتُ مَجـدِهِ الأصِيلِ البّاهِرَهْ
* * *
يُعْرِبُ عَن شُؤونِ سِرّ ذاتِهْ *** بِمُـحْكمَاتِــهِ وبَيِّـناتِــهْ
أمُّ الكتابِ مِّن شُؤُونِ ذاتِهْ *** وغايةُ الإخْلاصِ مِّـن صِفاتِهْ
نزُولُـهُ يُـعْرَفُ بالإسْـراءِ *** وكَهْــفُه حِرْزٌ مِـنَ البَلاءِ
طَأْطَأَ كلُّ الأنْبِيَا لِطَهَ *** ذلِكَ عِـزٌّ عَـزَّ أن يُـضاهَى
تُقُبِّلَتْ تَوْبَةُ آدَمُ الصَّــفِي *** بيُمنه أَكْـِرمْ بـه من خلفِ
وسجـدةُ الأملاك لا لعزتِهْ *** بل نـورُ ياسينَ بدا في غُرَتِهْ
به نَجَى نُوحٌ مِـنَ الطُّوفانِ *** بِمُـرسَلاتِ اللًّطْفِ والإحْسانِ
نَجَى مِنَ الـرِّيحِ العَقِيمِ هُودُ *** لاَنَ لِـداودَ بـهِ الحـديـدُ
وفازَ إبْراهــيمُ بالإمامـهْ *** ومِـنهُ نالَ هـذِهِ الكـرامَهْ
بهِ نَجى مِن كلِّ كَـيدٍ وبَلا *** يُوسُفُ واسْتَوى على العَرْشِ العُلا
وكانَ لُقمانُ رَقِيقَ نِعْـمَتِهْ *** أُعْطِيَ رَمزاً مِن دَقِـيقِ حِكْمَتِهْ
بهِ نَجـاةُ يُونُسَ المَسْـجُونِ *** مِن ظُلْمَةِ البَحْرِ وبَطْنِ النّـونِ
حِجْرٌ على كلِّ نَبيٍّ وَوَليّْ *** خَلاصُهُ الاّ بِــهِ مِمَّا ابـتُلي
وما ابنُ مَـرْيمَ البَتُولِ إلاّ *** مُبشِّراً مِـنَ العَلِيِّ الأعْــلى
وآلُ عـمرانَ على مائِـدَتِهْ *** بلْ يَسْتَفِيدُ الكلُّ مِن فائِـدَتِهْ
والإنسُ و الجنُ رجالاً ونِسا *** على بِساطِـهِ صباحاً ومَـسا
فليسَ في الوُجُودِ إلاّ نِـعَمُهْ *** ولا عَلى الأَعْرافِ إلاّ خَـدَمُهْ
ولَيسَ قَـدْرُ ذَلك الإِنْعـامِ *** مُخْـتَفِيّاً إلاّ عـلى الأنـعامِ
والفتحُ والنّصرُ يَدُورانِ مَعَهْ *** فما أعَـزَّ جــارَه و أمْـنَعَهْ
و في اللِّقاءِ عَـونٌه الرّحمنُ *** وفي البَـلاءِ حِـرزُهُ الفُرقانُ
والعَادياتُ خَيـلُهُ المُـغِيرَهْ *** و الذّارياتُ جنـدُهُ المُثِــيرَهْ
وبَطْشُهُ الشَّدِيدُ بالأحزابِ *** كـأنّـهُ قارِعـةُ العـذابِ
زَلْزَلَةُ السّاعةِ مِـن زَلْزالِـهْ *** وهَوْلُ يَومِ الحَشْرِ مِن أَهْوالِهْ
ولا يَهُولُهُ تَـكاثُرُ العِدى *** وهل تَرى فَوقَ يدِ الله يَـدا
و كلَّما تَحَزَّبُـوا تَحَــزُّباً *** تَفَرَّقُوا كأنّهُم أيْدِي سَــبا
كأنُّهم وهُم أُلُـوفٌ عاديَهْ *** عادٌ وأحقافٌ ورٍيـحٌ عاتِـيَهْ
جاثِيَّةٌ مِـن هَولِ ذاكَ المطلَعْ *** وانْفَطَرَتْ قُلُوبُهُمْ مِـنَ الفزعْ
حُصُونُهُم مِثلُ الجِبالِ الرّاسِيَّهْ *** لكِنْ كبَيتِ العَنْكَبُوتِ واهِـيَّهْ
ذَلَّتْ له الرُّومُ ودانَتِ العَرَبْ *** وانْخَذَلَ الفُرْسُ بِهِ ولا عَجَبْ
وأصْبَحَتْ بعدَ حُرُوبٍ غاشِيَّهْ *** مِن طُلقائِهِ قُريـشُ الطاغِـيَّهْ
ورَنَّةُ الرَّعْـدِ تُجاهَ سَطْوَتِهْ *** كأنَّـهُ مِـن رُعْبِهِ وخِيْفَتِـهْ
صادَ قُـلُوبَ العالَمين بالنَّظَرْ *** وشَقَّ بالإيـمانِ لَبَّـةَ القَـمَرْ
ومـا انْشِقاقِ القَمَرِ المُـنِيرِ *** سَطْوَتُـهُ تَقْضِي على الأَثِــيرِ
والطُّـورُ دَكّـةٌ بِبابِ دارهْ *** والنّـورُ كلُّ النُّـورِ في مَنارِهْ
رُقِيْ إلى أرقى معارجِ الهِمَمْ *** وجازَ عنْ ذاتِ البُّرُوجِ والقلَمْ
مَقامُهُ المحمُودُ في قافِ القِدَمْ *** وهو مَـقامٌ لايَمَـسُّهُ قَـدَمْ
واشْتَقّهُ مِن نُـورِهِ ربُّ الفَلَقْ *** أينَ التُّرابِ منهُ بلْ أينَ العَلَقْ
الشّمسُ كُـوِّرَتْ لِنُورِ سِرِّهِ *** والنَّجْمُ يـَهْوِي لِعُلُوِّ قَـدرِهِ
والنَبـأُ العظيمُ بعضُ سِيرتِهْ *** والفَجْرُ رَمْـزٌ لِجمالِ طَلْعَـتِهْ
والتّينُ والزّيتونُ فَرْعُ دَوْحَتِهْ *** وطُورُ سِيْنِـينَ حَرِيمُ ساحَـتِهْ
مَولـدُهُ في البَلـدِ الأمِـينِ *** أكرِمْ بـهِ مِـن بلدٍ مَيْمُونِ
بيُمْنِهِ الحجُّ إلـيهِ مُفْتَرضْ *** كأنّهُ مِن قصـدِهِ هو الغَرضْ
والمـؤمِنُونَ أفْلَحُوا بالتّلبِـيَّهْ *** وفي سَبِيلِ دِيـنِهِ بالتَّضْحِـيَّهْ
قامُـوا بأمرِهِ بِصِدقٍ وصَفَا *** صَفاً كأنّهُـم صفائِحُ الصَّـفَا
وانْشَرَحَتْ صُدُورُهُم بِنُورِهْ *** كـطارِقِ السّماءِ في ظُـهُورِهْ
قلُوبُهـم خالِـصةٌ مُمْتَـحَنَهْ *** حَقِيـقةُ الحـقِّ عَليها بَـيِّنَهْ
سِيقُوا إلى‌ جَنّاتِ عَدْنٍ زُمَـراً *** طُوبَى لِمَن على سِيّاقِهِمْ جَـرى
و مالِكُ المُلكِ بالإسْتِقـلالِ *** حَباهُ بالكَــوْثَرِ و الأنـفالِ
وعَصْرُهُ مِن أفْضَلِ الأعْصارِ *** أبْهى مِنَ الشّمسِ ضُحى النّهارِ
حُلَّـتُهُ كالنّـحْلِ في لُعابِـها *** قدْ جُعِلَ الشِّفاءُ في شَـرابِها
مُحمَّـدٌ لـهُ مِـنَ المَحامِـدْ *** ما جلَّ عنْ إحْصاءِ أيِّ حامِدْ
مُزَّمِّـلٌ مُّـدَّثِّرٌ لا بالـرِّدَا *** بلْ بِمحاسِنِ العَطاءِ والنَّـدَى
وهْـوَ شَفِيعُ الكلِّ في القِيّامَهْ *** علـيهِ تاجُ العِزِّ و الكـرامَهْ
وفُصِّلَتْ في الكُتُبِ المُـنزَّلَهْ *** آياتُ فَضْـلِهِ العظيمِ المُـنْزَلَهْ
ولَيتَ شِعْرِي ما تَقُولُ الشُّعَرا؟ *** في مَدْحِ مَن مادِحُهُ ربُّ الورى
والشِّعرُ كالشِّعْرى رَفِيعُ المَنْزِلَهْ *** لكِنْ لعِظْمِ قَـدْرِهِ لا قَدْرَ لَهْ
وهـذِهِ هَـدِيَّةُ النَّـمْلِ إلى *** حَظِيرَةِ القُّدْسِ وساحَـةِالعُلا