للسيد
الكتاني قدس الله سره
التوشح الأول:
مما يدلك على شرف هذه الحقيقة الأحمدية على الحقيقة المحمدية، وأن السقاة منها أكمل من السقاة المحمدية، وأن الواردين ذلك الحي البعيد المنال الصعب المرتقى عند الله، وأكمل من الواردين حي الحقيقة المحمدية، إن الله تعالى اسمه وعز كماله جعل هذه الذات المحمدية في العالم دولابًا تستفيض منه سائر المكونات إلا أن سقى كل مرتبة من المراتب بحسب وسعها وقربها منه وعظيم مكانتها عند الحق جل سلطانه، ولما لم يكن فوق مراتب الأنبياء والرسل- عليهم السلام- إلا مرتبة الفاتح الخاتم عليه من الله تعالى ألف تحية وسلام كانت الحضرة المسقون منها أفضل من الحضرة المسقون منها من دونهم كالصحابة الكرام.
ولا يُستراب في أن مدة غيبة الجسم المحمدي عن هذا العالم كان المفيض على دوائر الأنبياء، والرسل، والعوالم جداول هذه الحقيقة الأحمدية فمنها كانوا يسقون، ومنها كانوا يستفيضون، فيلزم أن الحقيقة الأحمدية وقع السقى منها، ويلزم أن السقاة منها أكمل من غيرهم، ويلزم من قال: أن الحقيقة الأحمدية لا يمكن السقى منها أن أنبياء الله ورسله فاتهم حظهم منه e ضرورة أن المحمدية كانت إذ ذاك غير موجودة، والحقيقة الأحمدية لا يمكن السقي منها فمم سقوا ؟
وإذا لم يصح هذا بان أن قائل هذا الكلام وهو أنه لا يصح السقى من الحقيقة الأحمدية لم يخبر بحقائق الأمور على ما هي عليه، وإذا كان الأنبياء، والرسل إنما يسقون من الحقيقة الأحمدية, فيلزم منه أن الاسم الدال على ذلك المسمى كان أعرف المعارف عندهم بعد الأسماء العظمى الإلهية على حسب ما قدمناه من اختلاف أهل المعارف في أعرف المعارف ما هو من الأسماء.
فعليه إذ ذكر بين الأنبياء والرسل وأكابر الورثة أحمد لم ينصرف عندهم لغير الحقيقة الأحمدية الجامعة المحيطة بأعالي الوجود وأسفله، كما إذا ذكر محمد بين الصحب الكرام لم ينصرف لغير الحقيقة المحمدية المحيطة بأسافل الوجود، فانكشف من هذا أن الحقيقة الأحمدية يسقى منها وأن أكابر الورثة كذلك يحصل لهم السقى منها.
وحديث العلماء ورثة الأنبياء له التفات بهذا المعنى وتكون (أل) في العلماء للكمال، فيكون الفرد الكامل من أكامل العلماء وهم العلماء بالله تعالى وارثًا للأنبياء في هذا المشهد، وتأمل قوله تعالى أيضًا: ﴿وَمِمَّنْ هَدَيْنَاوَاجْتَبَيْنَا﴾ بعد قوله: ﴿أُوْلَئِكَ الَّذِينَ أَنْعَمَ اللّهُ عَلَيْهِم مِّنَ النَّبِيِّينَ مِن ذُرِّيَّةِ آدَمَوَمِمَّنْ حَمَلْنَا مَعَ نُوحٍوَمِن ذُرِّيَّةِ إِبْرَاهِيمَوَإِسْرَائِيلَوَمِمَّنْ هَدَيْنَاوَاجْتَبَيْنَا﴾ تجدهم الورثة بعطف ممن هدى واجتبى على الأنبياء والرسل ﴿إِذَا تُتْلَى عَلَيْهِمْ آيَاتُ الرَّحْمَنِ خَرُّوا سُجَّداًوَبُكِيًّا﴾
التوشيح الثاني:
لما فات الأنبياء والرسل-عليهم السلام- السقى من المحمدية في عالم الشهادة أعني في الحياة المتعارفة تمنوا الكون من هذه الأمة أي من عصر الصحابة، ليتم كرعهم من بحر الحقيقتين الأحمدية والمحمدية، ولأن تفاصيل العلوم الإلهية، ونشر جزئيات تكاليف الشريعة المحمدية المحيطة، وهي قوابل الخلائق واستعداداتهم لم يظهر إلا يبعث الحقيقة المحمدية، وهي مظهر التفصيل؛ ولذلك أوثرت بالإرسال العام للجمهور.
وكانت الأحمدية مظهر الإجمال بمثابة مبادئ الوحي وأوائله؛ لأن أول صدمات الوحي تأتي مجملة على عادة التجليات العظمى ثم بعد الوعي يكون البيان والتفصيل، وهو قول الله: ﴿فَإِذَا قَرَأْنَاهُ فَاتَّبِعْ قُرْآنَهُ * ثُمَّ إِنَّ عَلَيْنَا بَيَانَهُ﴾ فلما كان الأنبياء والرسل على مكنة من الله جل جلاله لا تلحق لصديق ولا لولي ولا لمقرب شرفوا بالسقى من الحقيقة الأحمدية لما أنها باكورة الأزل، وأول شعاع انبعث من شمس الجمال الأقدس مع ضمة الكتب المنزلة إذ ذاك، ومع هذا التشريف الأعلى لما فاتهم السقى من الحقيقة المحمدية في الحياة المتعارفة تمنوا أن يكونوا من هذه الأمة؛ لئلا يفوتهم نصيبًا من أنصبة الكمالات المحمدية. اهـ ( من خبيئة الكون)
مما يدلك على شرف هذه الحقيقة الأحمدية على الحقيقة المحمدية، وأن السقاة منها أكمل من السقاة المحمدية، وأن الواردين ذلك الحي البعيد المنال الصعب المرتقى عند الله، وأكمل من الواردين حي الحقيقة المحمدية، إن الله تعالى اسمه وعز كماله جعل هذه الذات المحمدية في العالم دولابًا تستفيض منه سائر المكونات إلا أن سقى كل مرتبة من المراتب بحسب وسعها وقربها منه وعظيم مكانتها عند الحق جل سلطانه، ولما لم يكن فوق مراتب الأنبياء والرسل- عليهم السلام- إلا مرتبة الفاتح الخاتم عليه من الله تعالى ألف تحية وسلام كانت الحضرة المسقون منها أفضل من الحضرة المسقون منها من دونهم كالصحابة الكرام.
ولا يُستراب في أن مدة غيبة الجسم المحمدي عن هذا العالم كان المفيض على دوائر الأنبياء، والرسل، والعوالم جداول هذه الحقيقة الأحمدية فمنها كانوا يسقون، ومنها كانوا يستفيضون، فيلزم أن الحقيقة الأحمدية وقع السقى منها، ويلزم أن السقاة منها أكمل من غيرهم، ويلزم من قال: أن الحقيقة الأحمدية لا يمكن السقى منها أن أنبياء الله ورسله فاتهم حظهم منه e ضرورة أن المحمدية كانت إذ ذاك غير موجودة، والحقيقة الأحمدية لا يمكن السقي منها فمم سقوا ؟
وإذا لم يصح هذا بان أن قائل هذا الكلام وهو أنه لا يصح السقى من الحقيقة الأحمدية لم يخبر بحقائق الأمور على ما هي عليه، وإذا كان الأنبياء، والرسل إنما يسقون من الحقيقة الأحمدية, فيلزم منه أن الاسم الدال على ذلك المسمى كان أعرف المعارف عندهم بعد الأسماء العظمى الإلهية على حسب ما قدمناه من اختلاف أهل المعارف في أعرف المعارف ما هو من الأسماء.
فعليه إذ ذكر بين الأنبياء والرسل وأكابر الورثة أحمد لم ينصرف عندهم لغير الحقيقة الأحمدية الجامعة المحيطة بأعالي الوجود وأسفله، كما إذا ذكر محمد بين الصحب الكرام لم ينصرف لغير الحقيقة المحمدية المحيطة بأسافل الوجود، فانكشف من هذا أن الحقيقة الأحمدية يسقى منها وأن أكابر الورثة كذلك يحصل لهم السقى منها.
وحديث العلماء ورثة الأنبياء له التفات بهذا المعنى وتكون (أل) في العلماء للكمال، فيكون الفرد الكامل من أكامل العلماء وهم العلماء بالله تعالى وارثًا للأنبياء في هذا المشهد، وتأمل قوله تعالى أيضًا: ﴿وَمِمَّنْ هَدَيْنَاوَاجْتَبَيْنَا﴾ بعد قوله: ﴿أُوْلَئِكَ الَّذِينَ أَنْعَمَ اللّهُ عَلَيْهِم مِّنَ النَّبِيِّينَ مِن ذُرِّيَّةِ آدَمَوَمِمَّنْ حَمَلْنَا مَعَ نُوحٍوَمِن ذُرِّيَّةِ إِبْرَاهِيمَوَإِسْرَائِيلَوَمِمَّنْ هَدَيْنَاوَاجْتَبَيْنَا﴾ تجدهم الورثة بعطف ممن هدى واجتبى على الأنبياء والرسل ﴿إِذَا تُتْلَى عَلَيْهِمْ آيَاتُ الرَّحْمَنِ خَرُّوا سُجَّداًوَبُكِيًّا﴾
التوشيح الثاني:
لما فات الأنبياء والرسل-عليهم السلام- السقى من المحمدية في عالم الشهادة أعني في الحياة المتعارفة تمنوا الكون من هذه الأمة أي من عصر الصحابة، ليتم كرعهم من بحر الحقيقتين الأحمدية والمحمدية، ولأن تفاصيل العلوم الإلهية، ونشر جزئيات تكاليف الشريعة المحمدية المحيطة، وهي قوابل الخلائق واستعداداتهم لم يظهر إلا يبعث الحقيقة المحمدية، وهي مظهر التفصيل؛ ولذلك أوثرت بالإرسال العام للجمهور.
وكانت الأحمدية مظهر الإجمال بمثابة مبادئ الوحي وأوائله؛ لأن أول صدمات الوحي تأتي مجملة على عادة التجليات العظمى ثم بعد الوعي يكون البيان والتفصيل، وهو قول الله: ﴿فَإِذَا قَرَأْنَاهُ فَاتَّبِعْ قُرْآنَهُ * ثُمَّ إِنَّ عَلَيْنَا بَيَانَهُ﴾ فلما كان الأنبياء والرسل على مكنة من الله جل جلاله لا تلحق لصديق ولا لولي ولا لمقرب شرفوا بالسقى من الحقيقة الأحمدية لما أنها باكورة الأزل، وأول شعاع انبعث من شمس الجمال الأقدس مع ضمة الكتب المنزلة إذ ذاك، ومع هذا التشريف الأعلى لما فاتهم السقى من الحقيقة المحمدية في الحياة المتعارفة تمنوا أن يكونوا من هذه الأمة؛ لئلا يفوتهم نصيبًا من أنصبة الكمالات المحمدية. اهـ ( من خبيئة الكون)