( مشاهد برقية )



جاء في كتاب "المواقف الإلهية" لابن قضيب البان الموصلي : ((ثم نوديت من مكان قريب، وذلك من جهاتي الست: يا حبيبي ومطلوبي، السلام عليك، فغمضت عيني، وكنت أسمع بقلبي ذلك الصوت حتى أظنه من جوارحي لقربه مني، ثم نوديت: انظر عليّ، ففتحت عينيّ فصرت كلي أعيناً، وكأن ما أراه في ظاهري، وصرت كأني برزخ بين كونين وقاب، كما يرى الرائي عند النظر في المرآة ما في خارجها. ثم سمعت بقارئ يقرأ: آمن الرسول بما أنزل إليه من ربه والمؤمنون كل آمن بالله وكتبه ورسله، لا نفرق بين أحد من رسله وقالوا سمعنا وأطعنا غفران ربنا وإليك المصير.
وإذا بذلك الحجاب قد رفع وأذن لي بدخوله ، ولما دخلته رأيت الأنبياء صفوفاً صفوفاً ودونهم الملائكة، ورأيت أقربهم للحق أربعة أنبياء، ورأيت أولياء أمة محمد أقرب الناس إلى محمد وهو أقرب الخلق على الله تعالى وأقرب إليه أربعة أولياء، فعرفت منهم السيد محي الدين عبد القادر، وهو الذي تلقاني إلى باب الحجاب، وأخذ بعضدي حتى دنوت من سيدنا محمد صلى الله عليه وآله، فناولني يمينه فأخذته بكلتا يدي.
فلا زال يجذبني ويدنيني حتى ما بقي بيني وبين ربي أحد، فلما حققت النظر في ربي ورأيته على صورة النبي، إلا أنه كالثلج أشبه شيء أعرفه في الوجود ...
ولما وضعت شفتي على محل منه لأقبله أحسست ببرد كالثلج سبحانه وتعالى، فأردت أن أخر صعقاً، فمسكني سيدنا محمد صلى الله عليه وآله .

(( مشهد ثاني ))
ويقول الشيخ إبن قضيب البان الموصلي كما في ( المواقف الالهية ) : كشف لي [ الحق ] عن سر عرش الحقيقة المحمدية وقال لي : هو القلب الذي هو بيت عزتي ومخزن سري ومنبع نوري ومظهر سعة علمي وسرير سلطة إسمي ، وقال لي : قالبه ، الهيكل الذي بنيته بيدي ، وهو مجمع البحرين ، وقاب قوسين  .
(( مشهد ثالث ))
ويقول الإمام الجيلي في كتابه (الكهف والرقيم) كل مافي القران فهو في الفاتحة وكل مافي الفاتحة فهو في بسم الله الرحمن الرحيم وكل مافي بسم الله الرحمن الرحيم فهو في الباء وكل مافي الباء فهو في النقطة التي تحت الباء.
ولقد درجت في بعض معارج الغيب فأشهدني الحق تعالى صورة النقطة في عالم القدس عنه , فإذا هي على صورة الحقيقة المحمدية .

(( مشهد رابع ))
قال الشيخ عبد الكريم الجيلي في ( الكمالات الإلهية في الصفات المحمدية) .. ولقد أقمت في مشهد محمدي بالروضة الشريفة فرأيته صلى الله عليه وسلم بالأفق الأعلى ، حيث لا يقال حيث ، ذاتا محضا صرفا ، وسمعت عن يمينه قائلا يقرأ ( قل هو الله أحد ) يشير بها إلى المظهر المحمدي ، فقلت كقوله ، فلما رجعت إلى كوني وجدت هذه السورة بكاملها منقوشة في احدى اسطوانات الشباك الطاهر ، ولم أكن أشهد تلك الكتابة قبل ذلك الوقت ، ولم أزل أشاهدها إلى هذا الحين .
(( مشهد خامس ))
قال الشيخ محمد الكتاني قدس الله سره في " الديوانة " :
فَبَيْنَمَا نَحْنُ فِي المُنَادَمَةِ؛ إِذْ حَضَرَتِ الأَكْوَابُ، مَمْلُوءةً بِثُغُورِ الرُّضَابِ، فَئَاوِنَةً تَبْدُوا كَالكُؤُوسِ عَلَى حَسَبِ الأَنْفُسِ، وَطَوْراً تَبْدُوا كَالقَوَارِيرِ، عَلَى شَكْلِ المَنَابِرِ، وَوَقْتاً كَالأَبَارِيقِ، مُصْطَفَّةً عَلَى مَجَرَّةِ النَّمَارِيقِ، وَحِيناً كَالسِّوَارِ، وَسَاعَةً كَالمِزْمَارِ...وَمَا ذَلِكَ إِلاَّ لِلتَّشَكُّلِ، فِي مَقَامِ التَّنَزُّلِ، مَمْزُوجَةً بِزَنْجَبِيلِ: {ص}، وَكَافُورِ: {ق}، فِي سِرِّ: ن .
فَلَمَّا ضُرِبَتْ دَيَاجِ الغدَائِرِ، عَلَى كَهْفِ غَارِ الدَّوَائِرِ؛ انتُزِعَ السِّرُّ لِلْمُحَادَثَةِ، وَالرُّوحُ لِلْمُبَاحَثَةِ، وَالفُؤَادُ لِلْكِفَاحِ، وَالعَقْلُ لِلرَّاح، وَالنَّفْسُ لِلْمُنَازَلَةِ، فِي قَابِ قَوْسَيْ مَهَامِهِ المُغَازَلَةِ، وَقَامَ وُرْقُ الحَضْرَةِ سَاجِعاً، وَبَازُ نَغَمَاتِ الأَوْتَارِ رَاتِعاً، فَلَبَّى وَحَمِدَ وَكَتَبَ: "أَيُّهَا التِّبْيَانُ المَقْرُوُّ بِخُضَابِ البَنَانِ، الفَاتِكُ بِالسِّنَان، القَائِمُ بِالجِنَانِ؛ مَا الوَصْفُ وَالوَسْمُ، وَمَا الاِسْتِقَرَارُ والاسم، وَمَا الطَّوَاسِيمُ وَالحَوَامِيمُ، وَالبَرْنَامِجُ وَالأُنْمُوذُجُ وَالرَّقِيمُ، وَالبَدْءُ وَالخَتْمُ، وَعَنْقَاءُ مُغْرِبِ الرَّسْمِ، والاسم البَاطِنُ، وَمَعنَى الخَازِن؟!".
فَانْتَصَبَ عَلَى سَاق، بِنَعْتِ: {وَالْتَفَّتِ السَّاقُ بِالسَّاقِ}.، وَكَتَبَ: "الحَمْدُ لِي مِنْ حَيْثُ الاِصْطِحَاب، وَالصَّلاَةُ وَالسَّلاَمُ عَلَى جَوْهَرَةِ حُسْنِ النِّقَابِ؛ أَمَّا بَعْدُ: فَإِنَّ الطَّوَاسِيمَ وَالحَوَامِيمَ، وَالبَرْنَامِجَ وَالأُنْمُوذُجَ وَالرَّقِيم؛ فَقَدْ يَعْثُرُ عَلَيْهِ الأُدَبَاءُ، وَيَتَنَسَّمُ عَرْفَ أَرِيجِهِ الغُرَبَاء. وَأَمَّا البَدْءُ وَالخَتْم؛ فَالأَوَّلُ وَالآخِرُ، وَالظَّاهِرُ وَالبَاطِنُ. وَأَمَّا المُسْتَقَرُّ؛ فَفِي المَنْزِلِ السَّادِسِ مِنَ القَمَرِ، حَيْثُ إِلاَّ الذّوَائِبَ وَالخُضَابَ، وَالغَدَائِرَ وَالدَّوْلاَبَ!".
فَقُلْتُ: "لَمْ أَفْهَم بِالرَّمْزِ وَالتَّلْوِيحِ، بَلْ وَلاَ بِالبَيَانِ وَالتَّصْرِيحِ!". َ
فإِذَا بِطَيْرٍ أَخْضَرَ، قَدْ طُوِّقَ بِالتَّضَادِّ مَا صَيَرَهُ عَنْقَاء أَشْقَرَ، وَنُونٌ عَرْشِي وَقَافٌ فَرْشِي وَقَدْ قَلَّدَتْهَا نُجُومَهَا الجَوْزَاء، وَطَوَّقَتْ حِلْيَهَا دُرَارُ السَّمَاء، فَتَلاَ: {هَلَ اَتَى عَلَى الاِنْسَانِ حِينٌ مِّنَ الدَّهْرِ لَمْ يَكُنْ شَيْئاً مَّذْكُوراً}، وَعَلَى الجَنَاحِ الأَيْمَنْ: {وَمَا كُنْتَ بِجَانِبِ الطُّورِ إِذْ نَادَيْنَا}، وَعَلَى الجَنَاحِ الأَيْسَرِ: {إِنَّ رَبَّكَ أَحَاطَ بِالنَّاسِ}، فَكَانَ الرَّسْمُ وَالإِسْمُ، وَالفَدْلَكَةُ وَالوَسْمُ، {وَمَا مِنَّا إِلاَّ لَهُ مَقَامٌ مَّعْلُومٌ}.، وَعَلَى خَالِه:ِ {هُوَ اللَّهُ أَحَدُ}.، وَعَلَى عَيْنِهِ: {أِنَّ رَبَّكَ أَوْحَى لَهَا}.، وَعَلَى بَاطِنِهِ: {وَإِنَّكَ لَتُلَقَّى القُرْءانَ مِن لَّدُنْ حَكِيمٍ عَلِيمٍ}.، وَعَلَى ظَاهِرِهِ: {إِنَّا فَتَحْنَا لَكَ فَتْحاً مُّبِينا}
بَلْ إِنْسَانُ عَيْنِ الأُنْمُوذُجِ، وَنُقْطَةُ بَاءِ سِرِّ نُورِ رَقَائِقِ الهُوِيَةِ، عَلَى نُورِ الإِنْسَأَنِيَةِ العَبْدِيَةِ، المُلَثَّمَةِ بِمَعَانِي الغَزْلِيَاتِ، الدَّالَّةِ عَلَيْهِ بِهِ فِي سَائِرِ الحَيْثِيَاتِ، المُتَمَثِّلِ بِصُورَةِ "خَلَقَ اللَّهُ آدَمَ عَلَى صُورَتِهِ"، فَأَنَا خَرِيدَةُ العَجَائِبِ وَجَرِيدَةُ الغَرَائِبِ، وَكَهْفُ الذَّاتِ، وَعَيْنُ الأَسْمَاءِ وَالصِّفَاتِ، مَنْهَلُ {كهيعص}. وَجَدْولُ: {حم. عسق}.وَمُحِيطُ: {يس}، فَإِذَا أَنَا بِمُوسَى: "أَرُفِعَ قَبْلِي أَمْ كَانَ مِمَّنْ اسْتَثْنَى اللَّهُ؟"، "أَنَا سَيِّدُ وَلَدِ آدَم يوم القيامة وَلاَ فَخْر"، فَلاَ أَفْتَخِرُ بِهَذَا، بَلْ شِنْشَنَتِي وَدَأْبِي وَمَسْقِطُ رَأْسِي: "أُوِتيتُ جَوَامِعَ الكَلِم"، "فَوَضَعَ يَدَهُ بَيْنَ كَتِفِي فَلاَ زِلَتُ أَجِدُ بَرْدَهَا؛ فَعَلِمْتُ عِلْمَ الأَوَّلِينَ وَالآخِرِين"َ، وَمِنِّي إِلَيَ الختَامُ...وَالسَّلاَمُ.
 (( مشهد سادس ))
قال سيدي محمد بن عبد الكبير الكتاني قدس الله سره في " الطلاسم "  :
سألته صلى الله عليه وسلم في بعض المنازلات عن حقيقة الاصطحاب هل كانت أم لا؟ فقال لي صلى الله عليه وسلم : اتحد الإسم والمسمى، وتخلل الطلسم المُعمَّى . فقلتُ: هل من أول قدم؟ فقال لي على ما جرى في القِدم. لكن آونة يغيب الناسوت في اللاهوت ويظهر اللاهوت في الناسوت. ووقتا يغيب اللاهوت في اللاهوت ويبقى الناسوت للناسوت. فحين ظهوره أكون مخيط العين بخط: لست كهيئتكم إني أبيت أظل. وحين غيبوبة اللاهوت في اللاهوت أكون مخيط العين بخط : {إن الذي فرض عليك القرءان لرادك إلى معاد} أي لرادك للوح معاد هوية بطون غيب حقائق كليات {هن لباس لكم وأنتم لباس لهن} طمسا وتجريدا عن الإدراكات والإحاطات، وحين بقاء الناسوت للناسوت أكون مخيط العين بخط إنما أنا عبد {إنما أنا بشر مثلكم} أعني مع استقرار المعنى في المغنى وقيموميتها بالفهوانية واستغراقها باللهوانية:
يشاهده وعندكم لساني .... فؤادي عند مشهودي مقيم
لا يشغلني هو عن هو حين أكون أنا بأنا بل لي القوة من الجهتين:شؤون الخدمة، ومقتضيات الحضرة. لأني شارب بكلتا الكأسين، ومصل بمحراب جمع العين.
وأبحت جسمي من أراد جلوسي *** ولقد جعلتك في الفؤاد محدثي
هذا قسم عيني بقوة جهتي هيولى هيكلي بقوله {ق} فنحن كذا على المدام، إلى نهاية ما لا نهاية على الدوام. ولا مرمى دون مرماي، ولا كشف لأحد عن طلعة ظاهر باطن مُحَيَّاي {قل الروح من أمر ربي} أي من العلم المُختص بربي {وعنده مفاتح الغيب لا يعلمها إلا هو} ما عرفني حقيقة غير ربي.
 (( مشهد سابع ))
قال سيدي أبو يزيد البسطامي قدس الله سره : غصت لجة المعارف طالبا للوقوف على الحقيقة المحمدية فإذا بيني وبينها سبعين ألف حجاب من نور ، لو دنوت من أدناها ، لاحترقت كما تحترق الشعرة بالنار . ( كما في الفتوحات وجواهر المعاني وغيرهما ..
(( مشهد ثامن ))
قال الشيخ الدباغ رضي الله عنه: ولقد أخذ بعض الصالحين طرف خبزة ليأكله فنظر فيه وفي النعمة التي رزقها بنو آدم. قال: فرأى في ذلك الخبز خيطا من نور، فتبعه بنظره فرآه متصلا بخيط نوره الذي اتصل بنوره صلى الله عليه وسلم، فرأى الخيط المتصل بالنور الكريم واحدا، ثم بعد أن امتد قليلا جعل يتفرع إلى خيوط كل خيط متصل بنعمة من نعم تلك الذوات. ( وهو يعني نفسه هنا )  .اهـ من الابريز
(( مشهد تاسع ))
« قال لي الحق : ( الحقيقة المحمّدية  ): هي الرّحمة التي وسعت كلّ شيء ، وهي أمّ الكتاب ، وحضرة العلم الجامع ، وإنسان العيان السّامع » .

(( مشهد عاشر ))

ويقول سيدي ابن عطاء السكندري قدس الله سره :
«  وقال لي رب الأرباب : الإسم الأعظم  سر الحقيقة المحمدية  : وهو سر قلبك ، وقطب وجودك » .



(( مشهد حادي عشر ))
وقال الشيخ الكتاني قدس الله سره :
سمعت سيدنا ومولانا صلى الله عليه وسلّم في بعض المشاهد يقول : { لا مرمى دون مرماي، ولا كشف لأحد عن طلعة ظاهر باطن مُحَيَّاي {قل الروح من أمر ربي}  ما عرفني حقيقة غير ربي.