( طاسين السّراج )



قال الشيخ الحسين بن منصور ( الحلاج ) رضي الله عنه:
طس ، سراج من نور الغيب، وبدا وعاد، وجاوز السراج وساد، قمر تجلى من بين الأقمار، برجه في فلك الأسرار، سماه الحق (أمياً) لجمع همته، و(حرمياً) لعظم نعمته و(مكياً)  لتمكينه عند قربه شرح صدره، ورفع قدره، وأوجب أمره، فأظهر بدره، أضاء سراجه من معدن الكرامة.
ما أخبر إلا عن بصيرته، ولا أمر بسنته إلا عن حق سيرته، حضر فأحضر وأبصر فخبر واندل، فحدد، ما أبصره أحد على التحقيق  سوى الصديق، لأنه وافقه ثم رافقه، لئلا يبقى بينهما فريق، ما عرفه عارف إلا جهل وصفه (الذين آتيناهم الكتاب يعرفونه كما يعرفون أبناءهم وإن فريقاً منهم ليكتمون الحق وهم يعلمون) أنوار النبوة من نوره برزت، وأنوارهم من نوره ظهرت، وليس في الأنوار نور أنور وأظهر وأقدم من القدم سوى نور صاحب الكرم، همته سبقت الهمم ووجوده سبق العدم واسمه  سبق القلم، لأنه كان قبل الأمم ما كان في الآفاق وراء الآفاق ودون الآفاق أظرف وأشرف وأعرف وأنصف وأرأف وأخوف وأعطف من صاحب هذه القضية وهو سيد البرية، الذي اسمه (أحمد) ونعته أوحد، وأمره أوكد وذاته أوجد، وصفته أمجد وهمته أفرد، يا عجباً ما أظهره وأنظره وأكبره وأشهره وأنوره وأقدره وأبصره لم يزل كان، كان مشهوراً قبل الحواديث والكواين والاكوان ولم يزل كان مذكوراً قبل القبل وبعد البعد والجواهر والألوان، جوهره صفوي، كلامه نبوي، علمه علوي، عبارته عربي، قبيلته (لا مشرقي ولا مغربي) جنسه أبوي، رفيه رفوي، صاحبه أمي، بإشارته أبصرت العيون، به عُرفت السرائر والضمائر، والحق أنطقه، والدليل صدقه، والحق أطلقه، هو الدليل وهو المدلول، هو الذي جلا الصدأ عن الصدر المغلول هو الذي أتي بكلام قديم، لا محدث ولا مقول ولا مفعول بالحق موصول غير مفصول، الخارج عن المعقول هو الذي أخبر عن النهاية والنهايات ونهايات النهاية.
رفع الغمام، أشار إلى بيت الحرام،  هو التمام، هو الهمام ، هو الذي أمر بكسر الأصنام الذي أرسل إلى الأنام، والأجرام، فوقه غمامة برقت وتحته برقة لمعت، أشرقت، وأمطرت، وأثمرت، العلوم كلها قطرة من بحره، الحكم كلها غرفة من نهره، الأزمان كلها ساعة من دهره، الحق به ، وبه الحقيقة، هو الأول في الوصلة، هو الآخر في النبوة والباطن بالحقيقة والظاهر بالمعرفة، ما وصل إلى علمه عالم، ولا اطلع على فهمه حاكم الحق ما اسلمه إلى خلقه، لأنه هو، وأنّى هو ، وهو هو، ما خرج عن ميم (محمد) وما دخل في حائه أحد، حاؤه ميم ثانية، والدال ميم أوله، داله دوامه، ميمه محله، حاؤه حاله، حاله ميم ثانية، أظهر مقاله، أبرز أعلامه، أشاع برهانه، أنزل فرقانه، أطلق لسانه، أشرق جنانه، أعجز أقرانه، أثبت بنياته، رفع شأنه.
إن هربت من ميادينه فأين السبيل ؟ فلا دليل، يا أيها العليل، وحكم الحكماء عند حكمته ككثيب مهيل.