(( الكـــــــــنزيّة ))



لسيدي محمد شريف الحسني قدس الله سره
1. أَأَخْلُـوا بِخَولى بعدَ ضَحْـوِ الهِـدايةِ ** أُسامِرُها سرّا بِدَمْسِ الضّلالةِ
2.
نَهِـــلْنا مَـذاقِ السِّلمِ مِــــنها ولا رَيًّا ** كـأنّما نُسْـقى مِن سَرابِ الغِوايةِ
3.
عَهِدنا بها مِـن قبلِ نَصـــبِ حجابِها ** ولكـــنّها بعــــدَ الظُّـهُــورِ تَخَفَّـــتِ
4.
ولَم تَكْتَفي قَصْرَ الخِيّامِ وحَـــجْرَها ** فَــعَزَّتْ عـــلينا بالرُّسـومِ الدَّلِــــيلةِ
5.
لذا ما اكْتَفَينا بالتَّـجَلِّي التَّصَـوُّرِي ** فَمَشْهَدُنا صِـــرْفٌ لِوَجْــــهِ الحَرِيْمَةِ
6.
وإنّا على تِـــــلكَ العُّــهُـودِ تَتَيُّـمًا ** فَلَسْنا نَرى غَــــيرًا لِتِـــلْكَ اليَتِيمَةِ
7.
ألَا لَيْتَها تَدْرِي بـأنّي عُبَيـــدُها ** وأنِّيَ في الهَـــوى أَذَلُّ الأَذِلَّـةِ
8.
فَيَـــا مَـــن لَهُ وَصْلٌ بِحَـيِّها حَيِّها *** لِيُحْيِّيْ مَـــواتِي مِـــنها رَدُّ التَّحِيَّةِ
9.
وقائِلَةٌ تُبْ عَن هَواها وهِيتَ لَكْ ** فَقُلتُ مَعــــاذَ اللهِ إنّها رَبَّـــــتِي
10.
دَعِينِي فَلَيسَ العَـهْـــدُ إلّا لِأَوَّلٍ ** وبالصَّدِّ يَزْدادُ الهَوى في الصَّبابَةِ
11.
تَعَرَّفْتُهـا حـالَ الصَّــفـــاءِ وإنَّنِــــي ** شَرِبتُ هَواها في لِبانِ الرَّضــاعةِ
12.
تَرَينَ إنْ أَقْلُــــوها فــأينَ بَدِيلُها ** وتلك الّتي مِنها البُدُورُ اسْتَنارَتِ
13.
أَمُوتُ وَرُوحِي تَشْجُو بَينَ خَيالِها ** وتَرعى هِلالَ الوَصْلِ في كلِّ لَيـلةِ
14.
لَيـالِ الوِّصــالِ عَــــدْنُنــا بلْ كَثِيبُنا ** فمــــا السَّعدُ إلّا في لِقاءِ الأحِـبَّةِ
15.
وبــعــدَ لِباسِ السِّرِّ زَيَّ التَّعَـذُّرِ ** أُجاهِرُ بالمَرْقُـــومِ دُونَ خَـــلاعَـةِ
16.
تَيَمَّمتُ أنْ أُنْشِي وأُفْشِي حَــــقائِقًا ** تُذَكِّـــرُنا باللَّيــلةِ الأَحْمَــــديّـــــةِ
17.
أَيَحْسُنُ عِرْفـانــًا وعُـــرْفًا صُدُودُنا ** وإمْــدادُهُ يَتْرى بـــكـلِّ دَقَيقَـــــةِ
18.
تَوَقَّفْ مَــعَ الأطلالِ حَولَكَ بُرْهَــــةً ** فَفِيكَ قُصُورٌ بَلْ عرُوشُ الحقيـقَةِ
19.
وَغُصْ طَالِبًا في بَحْـرِ ذاتِكَ أسْرارًا ** مُخَـزّنَــــةً صَــوْنًا لِعِــــزِّ المَـكــــانَةِ
20.
بِسَبْعِينَ ألْفٍ مِـنْ حجابٍ مُكَثَّفٍ ** ودُونَهـا سَحْـــقٌ لِلحيـاةِ الدَّنَــــيّةِ
21.
فخـُـــذْ لَكَ رُبَّــانــا خَـبِيرًا بِمَــــتْنِها ** فَقَعْرُها طـامِيٌّ خَـطِيرُ السِّباحَـةِ
22.
ولا تَضَعَنْ مِن أَنْفِ قَدْرِك واعْتَلِي ** لأنـتَ حَــــقِيقيٌّ قُـدُّوسُ الهَــوِيَّتي
23.
فما العَرشُ والكُرْسيُّ واللَّوحُ والقَلَمْ ** سِـوى ذَرَّةٍ مِــن عـالَمِ الآدمِّيّةِ
24.
وما وَسِعَ الرّحمنَ عُـلوٌّ ولا سُـفْلٌّ ** ولكنَّهُ قـــدْ حَــلَّ في البَشَرِيَّـةِ
25.
فحــمَّلَــــنــــا نُـــورَ الحَبِيـبِ أمــــانَــةً ** وَهَيَّأَنـــا وُسْــــعًا لِتِــــلْكَ الرَّقِـيقَةِ
26.
وأُمَّــــتَــهُ خُــصَّتْ بِسْـقَيٍّ مُرَكَّـزٍ ** فَـــصَــــيَّرَهــــا أُمِّــــيَّـــــةً لِلـــبَريّــــةِ
27.
هَنِيئًا لَنــا والرُّسـلُ يَرْجُونَ قُرْبَهُ ** وفَرْضٌ علينا شُكـرُ أَعْظَـمِ مِـــنَّةِ
28.
تَفَطَّنْ وَعِي مِـن قبلِ أنْ تَتَقَدَّما *** وفِيكُم رَسُولَ اللهِ أَجْلى إشارَةِ
29.
فَمَـــن فَهِمَ السِّرَّ الّذي بَينَ جَنْبَيهِ ** تَبــصَّرَ بِالحقيـــــقَةِ المحتـــــديّــــةِ
30.
أَلَا إنّـــهُ أَمْــــرٌ عَــــزِيزٌ مُحَــرَّمٌ ** فَكُــنْهُــهُ مِــن أنْوارِ يُوحِ الأنِــــيَّةِ
31.
لقدْ كانَ قبلَ القَبلِ كَنْزًا مُصَدّفًا ** بِـصِرْفِـــيَّـــــةٍ بَهْــمِيَّــةٍ أَحَــــدِيّـَـــةِ
32.
تَجَلَّتْ بِهِ الذّاتُ العُلى مِن عَمائِها ** مِـــثالًا فَــــريدًا أَوْتَرِيَّ الحقيــــقةِ
33.
فَــــنِسْبَتُــــهُ أُمِّــــيَّــــةٌ يَــــالِفَــخْــــرِهِ ** ومَحْتِــــدُهُ تاجُ الحُـــــرُوفِ العَلِيَّةِ
34.
سَرِيرَتُهُ مِـن سِرِّ سِرِّ الهُـــوِّيَّـــة ** مُــؤَهَلَةٌ كَـيْمَا تَكُـــنْ كالخِـــزانَةِ
35.
لِيَكْمُـنَ لُبَّ العَينِ في غَيْبِ بَطْنِهِ ** حِجـــــابًا وبابًا لِلكُـنُوزِ الخَبِيـئَةِ
وبَعدَ طُمُوسِ العَينِ في دَمْسِ خَلْوَةٍ * تَفَجَّرَتِ اللّاهُوتُ مِن شَمْسِ جَلْوَةِ
37.
أَنــــاهُ وإلّا لا رَقِـــــيْمَــــةَ تُجْتَـــــلــى ** جَــــلاوَتُهُ تَفْصِيـــلُ مُـجْمَلِ خَلْوَةِ
38.
ولا زَالَ في إمْـــــدادِهِ مُتُمَـــــدِّدًا ** دوامُ قِيّامِ الكَـونِ بــالبَرْزَخِــــيَّةِ
39.
ولوْ حتّى لِلحُجْبِ الـمُدَّلاّةِ كيفَ لا ** وذاك رِداءُ الكِـــبْرِيـّاءِ الـــمُمِيْتَةِ
40.
فَحِـــينَ أَذانِ الفَجْرِ قــامَتْ إمــامَتُهْ ** ومَـــن غَـيرُهُ أرْعى لأَمْرِ الرَّعِيَّةِ
41.
تَرَقَّمَ للقَـوْسَـــينِ قــابًــــا بــلِ ادَّنى ** فَــعَيْنِيَّةُ الدَّوْرَينِ كــــالمَـــرْكَـــزِيَّةِ
42.
وَسيَّانَ أنْ تَشْهَـــدْهُ أَدْنى أوِ ادَّلى ** فَــأبْصِرْ بِــهِ جَمْــعًا بِعَـــينِ الحـَــقِيقـــةِ
43.
تَدلَّتْ بِهِ الآزالُ مِن بعــدِ ما ادَّنى ** تَعَـرُّفَ تَوْصِيـــــفٍ إلى الأبــديّة
44.
فَكَــبِّرْهُ بالأَجْلى وكبِّر بِهِ الأخْـفَى ** بِمَزْجِ الأَنا تَهْدِيكَ عَـــينَ الهُــوِّيَّةِ
45.
تَوَحَــــدَتِ الآثارُ في جَمْــعِ وَصْفِــهِ ** كـــما وَحَّــدَ الأسْـماءَ في الأحَــــديَّةِ
46.
تَعَـــدَّدَتِ الأرْقـــامُ للنُّــونِ كُلِّـــها ** كَرَمْزٍ لهُ مِــن دُونِ عَــــدِّ النِّـهايَةِ
47.
ومنهُ ارْتِسـامُ الظِّلِّ بعـدَ التَّكَثُّرِ ** كلامُ حُروفٍ مِن تَمَـدُدِ نُقْطةِ
48.
فـــبَــاطِنُــــهُ ظَــهْــرٌ لِبَطْـــنِ عَمَائِهِ ** وظـاهِـــرُهُ بَطْــنُ البِــــلادِ الدَّلِيَّةِ
49.
هُيُولى مِــــدادِ الكــــلِّ رَشْحَةُ نُورِهِ ** وُجُودًا وإمـــــدادًا لـــــكلِّ البريَّةِ
50.
مِنَ الرُّوحِ مَجْلى العالمـينَ ولَن تَزَلْ ** فرَوْحًا لَـنــا بــالذّاتِ أمِّ الــهُيُــولَةِ
51.
وأسْرارُهُ لَـمْ تَــبْرَحِ الكهـــفَ رَحْمَةً ** وذلك مِـــن أسرارِ سِرِّ الإرادةِ
52.
كــذلك إنَّ السِّرَّ مُـبْطِلُ أَمْـــرِها *** فنُعْمًــا لــنــا بالبَـــونِ كـالبَرْزَخِيَّةِ
53.
تَجَلّى بهِ المَولى فــأَبْــدَعَ خَــلْقَـهُ ** عَبِيـــدًا لهُ شُكْـــرًا لِتْلكَ العُبُودَةِ
54.
تَمَلّكــهُــــم كُــــلاًّ تَمَلُّكَ إمْـــــدادٍ ** فمَــحْتِـــدُهُم أَولى بِشأنِ الأُبُـــــوَّةِ
55.
وبِكْـــرُ ذَرارِيهِ الـمَعانِي العَلِيَّـةُ ** مُــلُــوكُ الجَـــبَرُوتِيَّـــــةِ السُّبُحِيَّةِ
56.
مَنَ اَرْضَعَهُــم أَلْبَــانَ فِطْــرَةِ ذاتِهِ ** ورَبّـــــاهُمُ رَعْــيًا بِحِجْــرِ الأَنِـــيَّةِ
57.
وزَوَّجَهُــم بعــدَ البُلُــوغِ فــأَنْجَبُــوا ** فـــآتَـــوْهُ أحْــــفـادًا لَدَى الأَثَرِيَّةِ
58.
ولْن يُفْطَمُوا مِن سَقْيِهِمْ منهُ سَرْمَدًا *** وإلاَّ لَسَـــاطَتْ كَــــرَّةُ العَــــدَمِــــيَّةِ
59.
وبالمَلَكُــوتِ الأَعلى نَزْلَتُهُ الأُخْرى ** تَسَــوّى على أَجْـرامِهِ الـمُسْتَنِيرَةِ
60.
على الجِسْمِ والرَّقَّا وحُجْبِ السَّتَارَةِ ** ومَن دُونَهُم وُسْعًا كَعَرْشِ الإِحاطَةِ
61.
تَمَلَّكُـــوا مِــن آبــائِهِمْ قَـــدْرَ وُسْعِهِمْ ** كَــأَمْــلاكِــهِــــمْ حِمْلًا لِعِبْئِ الخِلافَةِ
62.
فَـوَثَّقَهُــــم والكُــلُّ شــاهَـــــدَهُ حَــــقًّا ** وَعـــاشُـــوا بِهِ في عُهْــدَةٍ أَحْمَـدِيَّةِ
63.
وحَتّى أَتى الأُنْمُـوذَجُ الرَّسْمِي لِلأنا ** بـأَنْــــوارِهِ اللّاتي سَبَتْ إذْ تَجَلَّتِ
64.
بآدَم مَــجْــــلَاهُ تَجَـــــلَّى مُحـــــيّاهُ ** فـَـسَلَّمَتِ العَلْــيَــا سُجُـودًا لِبَيْعَةِ
65.
وأَنْزَلَهُ الآثـــــارَ كَـــيـــمــا يُعَلِّيـــهِ ** فَيَشْهَــــدَ تَفْصِيــــلًا لِمُجْمَلِ نُقْطَةِ
66.
تدلّى بهِ بَعـــــد الـمَنَــابِ خِلافَـةً ** ورَأَّسَـــــهُ حـــتَّى عــلى الأَوَلِّيَّــــةِ
67.
وأَلْبَسَـــهُ مِـــن ذّاتِــــهِ وصِــــفاتِــــهِ ** وخَتَّمَــــهُ مِــن دُونِهِــم بالرَّقِــيقَـةِ
68.
فـــلا زالتِ العَلْــيَـــا تَدِينُ بِحَـــقِّــــهِ ** وتَخْـدِمُـــــهُ سَخْـــرًا لهُ كــالرَّعِيَّـــةِ
69.
وجـــادَ على الأكـوانِ بالدُّرِّ مِدراراً ** فُرُوعــًـا لـــــهُ نراهُمُ كـــالأَصــــالَـةِ
70.
مَظاهِرُهُم كــــانَت تَراتِيبُ حِـكمَــِةٍ ** على رَأْسِهِـم أَقْطـابُ دَوْرِ الرِّسالةِ
71.
يَنُوبُونَ في التَّبْلِيغِ عنْ أصْلِهِــم طُرًّا *** لأَنَّهُــــمُ الأَدْنى لِـوُثْــقِ العَــلاقَــةِ
72.
وبعدَ اسْتِدارِ الدَّهْرِ كالهَيْئَةِ الأُولى ** تَرَقَّــمَتِ الأنْوارُ في رَسْمِ صُورَةِ
73.
فـيَــا شُمَّ مَن شــامُـوا وشَمُّوا نِعالَهُ ** فَتِلكَ مُنَى أَجْـبـــاهِ أهلِ النُّبُوةِ
74.
وَفـازَتْ بِها أصحابُهُ فَــيــا سَعْــدَهُم ** فَطُوبى لهُم طُـــوبى بتِـــلك المـزيَّةِ
75.
تَشَرَّفَـتِ الأَشْــهادُ بَعــــدَ غُيُـوبِــــهِ ** ولا بُــــدَّ لـلآثـارِ مــــنهُ بِــزَوْرَةِ
76.
ونَزْلَتُــــهُ الأُوْلى عَلَينـــا تَفَضُّــــلًا ** لِذلِكَ فُـــضِّلْــنـــا على المَلَـكِــيَّـــــةِ
77.
تَسَتَّرَ بالــزَيِّ الرِّســــالِيِّ نَـــــازِلًا ** فَـــأَجْمَـــلَ كُــلَّ الكلِّ في قَيدِ بُرْهَةِ
78.
وبَعْدَها أَلْقى السِّتْرَ عَــمَّن لا يُبْصِرُ ** وغابَ بِـــغابِ الدَّوْرَةِ الـبَّرْزَخِـــيَّـــةِ
79.
لَطــــالَمَـا كــــانُـــوا يَرْقَــبُونَ هِــلالَها ** فَراحَتْ بِهِ الأرْواحُ يَـومَ الـوِّلادَةِ
80.
وبالقُبَّةِ الأسمى الَّتي ازْدَانَ طِيْبُــها ** بِهِ عِنـــدَ مَجْلاهُ فَطــابَتْ كَطَيْبَةِ
81.
ولكِــنَّـــــهُ في هَـذِهِ ومَـــا قَــبْلَها ** تَقَـدَّسَ عَن رَسْمٍ وعَن كلِّ نَزْلَةِ
82.
وبعـــدَ فَنـــاءِ الدّارِ تُجْلى الحقائِقُ ** بِمَعْــــنَى قِــيّـــامِ السّـاعَةِ الأَحْمَدِيّة
83.
فَــنُحْشَرَ أَجْـــزاءً إلى كلِّ كُـلِّنا ** عَبِيـــدًا وبَعْــــدَ الأَبْقِ أُبْنَا لِفِطْرَةِ
84.
فَيَحْكُمَ فِينا كَيفَ شاءَ ويَنْجَلي اسْـــــ**ــــــــتِوَاءً عَلى العَرْشِ المَجِيـدِ بِسُلْطَةِ
85.
كَــمَا يَتَجَلَّى في الجِنانِ بِرِيْـــقِهِ ** فمِـــن سَقْيِّـــهِ زانَتْ وإلاَّ لَشانَتِ
86.
وحتَّى على النِيرانِ جلَّ جــــلالُهُ ** وهــــاهُــــنا أَسْرارٌ حَرامُ الكِـتابَةِ
87.
ونَزْلَتُهُ العُلْيَـا علينــا كَـــــثِيبُنـــــا ** وتَبْقَى مُــــنــــازالاتُـــهُ دُونَ غــايَةِ
88.
تَصَوُّرُهُ مــــا بَينَنَـــــا كَــــيما نَرْتَـــقي ** فَهَدْيُــــهُ ذاتِيٌّ حَـــقِـــيــقُ الـدّلالَةِ
89.
وقِــــبْلَتُهُ لِلـــعَـــالَمِــــينَ وَجِــــيْــهـةٌ ** لإنّما حُجْبُ الوَجْهُ مِــنهُ اسْتَمَدَّتي
90.
تَجَلّى بِــهِ المولى عَلينا لِنَشْهَــــدَهْ ** كَـــعَيِّنَــــةٍ لِلـحَضْــــرَةِ الأَزَلِـــيَّــــةِ
91.
فَــــلا بـــائِــنٌ عنهُ ولَيسَ سِوًى ولا ** وُجُــودُهُ غَـيرٌ عِندَ أهلِ الحَقِيقة
92.
فكلُّ الّذي فَصَّلْتُ فِيكَ مُجَمَّلٌ ** أَيَا جــاهِـــلًا ياظــالِمًـــا لِلأمــانَةِ
93.
فــــيَــــا أيّـها الأُنْمُــوذَجُ الْمُـــتَرَقِّــمُ ** أَلَا إنَّك المقْصُودُ في ذِي القَصِيدَةِ
94.
تَبَـصَّرْ لِــــكَــــيْمَا تَنْتَهِضْ بِكَ هِمَّــةٌ ** فَحَـتَّى السُّلُوكُ رَهْـنُ فَتْحِ البَّصِيرَةِ
95.
فإِنْ رُمْتَ تَحْــقِيقًا فَكُــن مُـتَعَلِّقًا ** وَدُونَك فَـالْثَـمْ تُرْبَ نَعْلِ الأَحِبَّةِ
96.
فَحَضْرَتُهُ حِـصْنٌ مِنَ البَيْنِ عاصِمٌ ** تَوَلَّـــــه بِـــهِ حَـــتَّى فَــنَــاءِ الأَنِيَّـــةِ
97.
وإلّا فَــــلا وَصْــلٌ تَراهُ بِــــدُونِــــهِ ** فمـــاذَا بُعَيــدَ الحَـقِّ إلّا الضَّـــلالَةِ
98.
ولَا تَبْتَعِــدْ قَصْـــدًا فَفِيكَ الْمُــؤَمَّلُ ** وُلُــوجًا إلَيكَ سَالِكــــا لَا بِعَرْجَـةِ
99.
خُلُوّا عَنِ الأغيارِ والنَّفْسِ فَــانِيّا ** لِكَي يَنْجَلِي مِـن باطِنِ نُورُ جَلْوَةِ
100.
وبَعــــدَ الفَنـــاءِ فِــيـــهِ تَبْقَى محمّـــدًا ** فَتَتَّحِـدَ الأوْصافُ والذّاتُ بالذّاتِ
101.
لَـهَــــذا هُوَ التّوحِيدُ فارْعَى شُهُودَهُ ** فَـوِحْـــدَتُهُ لَا تُبْقِي بَينَ شَراكَتِي
102.
وَفِي حَضْرَةِ الإِحْسانِ هاهُنا مَشْهَدٌ ** كَعَينِ يَقِــينٍ دُونَ تِلكَ الدّقِيقَةِ
103.
ففِيهِ كَـــــثِيبُ العـاشِـقِـــينَ تَعَلُّلًا ** إلى أنْ تَحِلَّ بَعدُ كُبْرَى السَّعادَةِ
104.
حَـــقِيقَتُــــهُ غــــابَتْ عَلَينـــا تَفَضُّلًا ** فَلَو بَرَقَتْ دَكَّتْ وُجُـودَ الخَلِيقَةِ
105.
وفي الكُــثْبِ لَمّا لا فَنـــاءَ يَـــذُودُنـــا ** يَجُـــوزُ لنــا رُؤيـــاهـــا لِــــلأبَـــدِيَّـةِ
106.
بِعَيْنَيْــــهِ مَـــشْهُودٌ فَمـا غَـــيْرُه يَرَى ** لِعِزَّةِ وَجْـــهِ اللهِ ذِي الأَحَــدِيَّةِ
107.
أَيَــــا مَحْتِــــدَ الأكـوانِ بَلْ وَيا قلبَهــا ** ويا لَازِمَ الإِمْكــــــانِ بـالوَاحِــديّة
108.
ويا رُوْحَ أَرْواحِ الوَرى وَحَـيَاتَهُم ** صِلِ الرُّوحَ مِن عَينِ الحَيَاةِ بِنَفْحَةِ
109.
فَغَوثًا بِسِرِّ النَّعْلِ رُوْحِي فِــدائُها ** وسَيِّــدِنـــا يَعْفُــورِ عَرْشِ الجَلالَةِ
110.
مِـــدادًا بــأنْـــوارِ التَّعَلُّقِ مِــــنهُــمُ ** لِنَحْيَا بِوَقْفٍ فِيكَ دُونَ نِهايَــــــــةِ