اعلم أيدك الله أنه لما خلق الله الأرواح المحصورة المدبرة للأجسام
بالزمان عند وجود حركة الفلك لتعيين المدة المعلومة عند الله و كان عند أول خلق
الزمان بحركته خلق الروح المدبرة روح سيدنامحمد صلى الله عليه و سلم ثم صدرت
الأرواح عند الحركات فكان لها وجود في عالم الغيب دون عالم الشهادة و أعلمه الله
بنبوته و بشره بها و آدم لم يكن إلا كما قال بين الماء و الطين ..
و انتهى الزمان
بالاسم الباطن في حق سيدنامحمد صلى الله عليه و سلم إلى وجود جسمه و ارتباط الروح
به انتقل حكم الزمان في جريانه إلى الاسم الظاهر فظهر سيدنامحمد صلى الله عليه و
سلم بذاته جسما و روحا فكان الحكم له باطنا أولا في جميع ما ظهر من الشرائع على
أيدي الأنبياء و الرسل سلام الله عليهم أجمعين ثم صار الحكم له ظاهرا فنسخ كل شرع
أبرزه الاسم الباطن بحكم الاسم الظاهر لبيان اختلاف حكم الاسمين و إن كان المشرع
واحدا و هو صاحب الشرع فإنه قال كنت نبيا و ما قال كنت إنسانا و لا كنت موجودا و
ليست النبوة إلا بالشرع المقرر عليه من عند الله فأخبر أنه صاحب النبوة قبل وجود
الأنبياء الذين هم نوابه في هذه الدنيا كما قررناه فيما تقدم من أبواب هذا الكتاب ..
فكانت استدارته انتهاء دورته بالاسم الباطن و ابتداء دورة أخرى
بالاسم الظاهر فقال استدار كهيئته يوم خلقه الله في نسبة الحكم لنا ظاهرا كما كان
في الدورة الأولى منسوبا إلينا باطنا أي إلى سيدنامحمد صلى الله عليه و سلم و في الظاهر
منسوبا إلى من نسب إليه من شرع إبراهيم و موسى و عيسى و جميع الأنبياء و الرسل .