( نقْطَة الوحدة )



الشيخ عبد الغني النّابلسي  قدس الله سرّه
قال الإمام علي بن أبي طالب -رضي الله عنه: (( العلم نقطة كثرها الجاهلون ))
وبيان هذا أنا نقول أن جميع المخلوقات العلوية والسفلية نقطة كثيرة في نظر الجاهل وبصيرته، ومختلفة لا تدخل تحت حصر لأنها أجسام وأعراض كما ذكره علماء الكلام؛ والأعراض أوصاف الأجسام، فهي تابعة لها على حسب مقتضيات تراكيبها المخصوصة، والأجسام مركبة من الجزء الذي لا يتجزئ، كما برهن عليه أهل السنة في كتب الكلام، وكل جزء لا يتجزئ نقطة، فهي ذلك العلم القديم الواحد ظهر بمقتفي خصوص معلومه العدمي، فكل نقطة شيء، وكل شيء هالك أي معدوم كل شيء هالك إلا) وجه الحق تعالى إليه وهي علمه به)
وعلمه تعالى لانهاية له، لمتعلقاته مع وحدته الحقيقية، فالكثرة في الأشياء واحدة في العلم، والكثرة هالكة معدومة، والوحدة هي الموجودة الباقية الأزلية، وأول جزء لا يتجزئ ظهر من معلومات العلم القديم تكرر وتعدد برؤية نفسه في مراتب ظهوراته، وهو نور نبينا -عليه الصلاة والسلام - كما ورد: ((أن أول ما خلق الله تعالى...)) وهو مذكور في كتب الحديث، وقد خلق الله منه كل شيء.
وفي بعض الروايات: ((أول ما خلق الله العقل فسماه عقلاً )) وهو الجزء الذي لا يتجزئ، وهو المدركة لكل شيء.
وفي رواية: ((أول ما خلق الله القلم فسماه قلماً وأمره أن يكتب ما هو كائن إلى يوم القيامة)). بعد أن خلق الله تعالى اللوح منه.
ولا اختلاف بين هذه الروايات في حقيقة المعنى المراد، وهو الشيء الأول هو النقطة التي هي العلم الواحد، وقد كثرها الجاهلون بالإدراك العقلي من حيث هي القلم، وفاتتهم -، وهذا التكثر سواء أدركوا ذلك فقط،وحدتها الحقيقية من حيث هي نور سيّدنا محمد صلى الله عليه وسلّم - أو أحسوا به .