وقال الإمام السّاحلي في (بغية السالك ) :
النّاس في انطباع صورته صلى الله تعالى عليه، وعلى آله وسلم الكريمة على طبقات بحسب مشاربهم وأذواقهم في الصدق والحضور.
قال: فمنهم من لا تثبت صورته صلى الله عليه وسلم الكريمة في نفسه إلا بعد تأمل, وتثبت وإعمال فكر، وهذا أضعف القوم لتعلق بعض البقايا الخاصة بهذا المنزل بالنفس، وهذا قليل لرؤيته إياه في النوم، وإن رآه فإنما يراه على غير كمال الرؤية.
ومنهم من تثبت الرؤية للصورة الكريمة في نفسه أحيان ذكره إياه لا سيما في الخلوات عندما يتمحص الفكر في معنى التصفية؛ فإذا أفتر غابت عنه، وهذا أنهض من الأول لكن مع بقية فيه بما تقتضيه منزلته، وهذا يراه في النوم على صورته الكاملة.
ومنهم: من إذا سدَّ عينيه يقظة أو منامًا رآه بعين بصيرته على كل حال وهم أهل النهايات الذين اطمأنت قلوبهم بذكر الله حتى رقت نفوسهم إلى فراديس التقريب فظفروا بمجاورة الذين أنعم الله عليهم من النبيين والصديقين والشهداء والصالحين وحسن أولئك رفيقًا.
ومنهم: من هو أعلى درجة منها وهو أن يرى بعين رأسه عيانًا, ومباشرة صورته الكريمة في عالم الحس لا سيما في أوقات الذكر، وذلك أن الأرواح إذا ائتلفت ائتلافًا بليغًا بكثرة الصلاة عليه؛ فإن روحه الكريمة تتشكل بجسده الطاهر حتى ينظره المصلي عليه تارة عيانًا ومباشرة، وتارة إدراكًا بالباطن بحسب قوة ائتلاف الروحين أو ضعفه مع أن رؤية البصيرة أقوى من رؤية البصر؛ انتهى.