هذه رسالة جديدة المبنى
والمعنى، يتجلى بها علينا مولانا الشريف الحسني قدس الله سره، متطرقا فيها إلى البطون
المحمّدية التي أشرق منها القرآن العظيم .. فاقرأ ولن تندم :
كشف الستر عن ليلة القدر
هذا مؤلف جديد في موضوعه وأسلوبه، عرج فيه مولانا
الشريف الحسني قدس الله سره على سر " ليلة القدر" ، وعلاقتها بالحضرة
المحمّديّة، فجاء فريدا من نوعه ..
الكنز المطلسم
هذا مؤلف غاية في الإعجاز، تطرق
فيه مولانا الشريف الحسني قدس الله سره إلى الرابطة بين القرآن العظيم والحقيقة
المحمدية، من منظور صوفي عرفان، فحقا لم يؤلف قبله مثله ...
الحجاب المستور
يقول السيد محمد الشريف الحسني في قوله تبارك وتعالى :(وإذا قرأت القرآن جعلنا وبينك وبين الذين لا يؤمنون بالآخرة حجابا
مستورا)
وهذا الحجاب لئلا يصل النّور
من القلب الشّريف إلى المشركين، لأنّ لمشكاة النّبوّة نور ساطع لا تحجبه الأغيار،
اللّهم إلّا إذا نصب الله حجاب الخذلان عليهم لا عليه e.
فلولا هذا الحجاب الجلالي، لآمن كلّ من رأى الحبيبe أو سمعه،
بل كلّ من قرأ القرآن من بعده، ولكنّ الحكمة الربّانيّة تأبى هذا.
(((وما أرسلناك إلّا رحمة للعالمين ))) لسيدي محمد الشريف الحسني حفظه الله
بسم الله الرحمن الرحيم
وصلى الله
على سيدنا ومولانا محمد وعلى آله وصحبه
وسلم
ورضي الله
عن شيخنا الجيلاني
أما بعد :
لطالما
استوقفتني الآيات التي يتوجّه فيها الخطاب للجناب النبوي، فأجد فكري منجذبا كليّة
في أعماقها، فأرجع أحيانا إلى التفاسير وأخرى إلى كتب الفضائل، ولكن هيهات هيهات،
لا يشفي غليل الوجدان إلّا الإلهام .
ولقد
استلمحت ذات مرّة آية الرحمة (وما أرسناك إلّا رحمة للعالمين) على عجالة وحيطة،
فدوّنت ما لعلّه أن يكون مفتاحا لتأويل هذا السّرّ المطلسم، ولقد درجت فيه على
منوال المفسرين، لا على شاكلة العارفين، وأين نحن منهم !!.
مطلب
ولاريب أنّ هذه الآيات التي تتعلّق
بالجناب الشّريف، تحتاج في تفسيرها وتأويلها إلى ذوق عميق، وإلهام مركّز، لأنّ
المستوى رفيع منيع.
وكما أنّ السّادة العارفين يحترمون كلّ
التّخصّصات، فياحبّذا لو احترم أرباب المجالات الأخرى، الجانب العرفاني في القرآن
والسّنّة، فلا يهجموا ولا يتجرّؤوا عليه، جهلا أو تجاهلا.
ومن أراد أن يؤمن بأنّ لكل فنّ أربابه،
فليطالع مابين يديه من التّفاسير لهذه الآية الكريمة، ثمّ لينظر إلى هذا المختصر
البدائي، مع أنّه بكلّه ماهو إلّا من قبيل التّفسير الإشاري، الذي له روابط بحروف
الآية، أمّا التفسير الباطن والذي يخوض في الآية من وراء اللّغة والكتابة، فذاك هو
الفضاء المطلق .
﴿وما
أرسلناك إلّا رحمة للعالمين﴾
ü دلالة معرض الآية :
الملاحظ
بأنّ الآية الكريمة جاءت في معرضين :
1) معرض التّشريف للمقام النبوي،
فهي كالمدح للجناب الشريف، بأنّه رحمة لكلّ الخلق، شهادة ربانيّة ( وكفى بالله شهيدا) .
2) معرض التّكليف للأمّة المحمّديّة
المعنيّة بالرّسالة، فهي من جهة التّشريع لأتباع نبي الرّحمة e بأن
يتحققوا بهذه الرّحمة، ليكونوا هم كذلك أمّة رحمة للعالمين، مصداقا لقوله تعالى :
( وكذلك جعلناكم أمّة وسطا لتكونوا
شهداء على الناس ويكون الرسول عليكم شهيدا) وقوله تبارك: ( كنتم خير أمّة أخرجت للنّاس ) .
ü
دلالة
أسلوب الإستثناء :
3) ولقد أتت الآية بصيغة الإستثناء،
وبالإثبات بعد النّفي، وهو من أساليب التّوكيد البليغة، فقولي لك : ما أنت إلّا
أسد، أبلغ من قولي : أنت أسد، فلو قال تعالى ( إنّا أرسلناك رحمة) لكانت دون قوله سبحانه : ( وما أرسلناك إلّا رحمة للعالمين) .
ü
دلالة
الحصر في ( إلّا ) :
4) إنّ في حصر البعثة المحمّديّة
على الرّحمة مزيّة واضحة على عظمة ذلك الجناب الشّريف، حيث أنّه بقدر الحظوة عند
السلطان يكون قبول الشفاعة عنده، فهو e لكونه حبيب
الله تتوج بوسام الرّحمة كلّه، للخلق كلّهم .
5) وليس في حصر الرّسالة على
الرّحمة، نقص من صفات الجلال والكمال الأخرى، كلاّ؛ بل هذا على شاكلة (رحمتي سبقت غضبي) ولكون
الرّحمة مهيمنة على كلّ الصفات الأخريات، مصداقا لقوله تعالى : (قُلِ ادْعُوا اللَّهَ أَوِ ادْعُوا الرَّحْمَنَ أَيًّا مَا تَدْعُوا
فَلَهُ الْأَسْمَاءُ الْحُسْنَى) .
6) وإنّ الحصر هنا من قبيل الحصر
الإضافي، أي ليست الرّسالة مقصورة على الرّحمة فقط، بل هناك أمور أخرى أتى بها سيد
الرّسل e، وذلك
بدلالة النّظير في أخواتها من الآيات، مثل قوله تعالى : (إِنْ أَنْتَ إِلَّا نَذِيرٌ (23) إِنَّا أَرْسَلْنَاكَ بِالْحَقِّ
بَشِيرًا وَنَذِيرًا ) .
ü
وجه
الدّلالة في ( أرسلنا ) :
7) وفي إسناد فعل الرّسالة إلى
المولى سبحانه، شرف عظيم للجناب النّبوي، بأنّ هذه الرّحمة هي رحمة ربّانيّة،
وليست إنسانيّة، وأنّها من الله تعالى لا من شفقة أو حميّة، وهذا يُحكم لنا عدّة
آيات متشابهات أخر، مثل آية : (مَا كَانَ
لِلنَّبِيِّ وَالَّذِينَ آَمَنُوا أَنْ يَسْتَغْفِرُوا لِلْمُشْرِكِينَ وَلَوْ
كَانُوا أُولِي قُرْبَى مِنْ بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُمْ أَنَّهُمْ أَصْحَابُ
الْجَحِيمِ) .
8) وفي إسناد الفعل إلى نون العظمة،
تخصيص دقيق، وهي التي يسميها العارفون نون الذّات، أي : (أرسلناك) بمدد ذاتي،
أو (أرسلناك) بعد أن كنت مقيّدا في الخلوة الذّاتيّة الأحديّة ..
9) وإنّ فعل الإرسال فيه إشارة إلى
أنّه يسبقه تقييد، فما يرسل إلّا من كان مقيّدًا، وهو هنا يدلّ على أنّ هذا
الإرسال سبقه تقييد نبويّ، فما من رسول إلّا وهو مرسل من قيد النّبوّة التي كان
عليها، كما يشير إليه آية : ( يأيها النبي
إنا أرسلناك) ولم يقل يا أيها الرّجل
مثلا ! صلى الله على سيّدنا ومولانا وسلّم
.
ولكنه e مرسول
من قيد النّبوّة الذّاتيّة، المومى إليها بحديث : ( كنت نبيّا وآدم بين الرّوح والجسد) فأرسل eبالرّحمة الشّاملة للصّفات، فقوله تعالى : ( قل ادعوا الله) هي النّبوّة
الذّاتيّة، وقوله تبارك: ( ادعوا الرّحمن) هي الرّسالة الصفاتيّة .
ü
وجه
الدّلالة في ( كاف الخطاب ) :
10)
وإنّ
في إسناد الفعل إلى كاف الخطاب، نوع من حصر الخطاب على المخاطبe، وهو
بأنّه ليس كلّ من أرسل فهو رحمة للعالمين، إلّا أنت يا مجلى الذّات ومظهر الأسماء
والصّفات .
11)
وكان بالإمكان أن يسند الفعل إلى ضمير الغائب " أرسلناه"
ولكن في ذلك حكمة، وهي أنّ الخطاب لا يوجه إلّا لمن يتذوّقه ويدركه، ولمّا علم
الحق عزّوجلّ أنّه لا أحد يقدر على غدراك هذه العظمة المحمّديّة، المتمثّلة في
الرّحمة للعالمين، صرف الخطاب عن الخلق كلّهم، ووجهه إلى الحبيب وحده e.
ü
دلالة
السّياق في الآية :
12)
لاشك أنّ هناك تناسبا بين موضوع السّورة عموما، وبين آية الرّحمة
خصوصا، فالسّورة تسمى "سورة الأنبياء"، وهي الوحيدة التي جاء إسمها
جامعا لهم عليهم السّلام، وفي ختامها جاءت هذه الشّهادة الرّبانيّة : ( إلا رحمة للعالمين) أي من
دون سائر الأنبياء عليهم السّلام، بل هم كلّهم نواب عنه e في هذه
الرّحمة، كما قال تبارك في حق سيدنا المسيحu: ( ورحمة منّا) وقال في حق
سيدنا الكليمu : (وَمَا كُنْتَ بِجَانِبِ الطُّورِ إِذْ نَادَيْنَا وَلَكِنْ رَحْمَةً
مِنْ رَبِّكَ) فبعثة سيدنا موسىu هي من
مظاهر هذه الرحمة .
13)
إنّ المتأمّل في السّورة يجد أنّه قد تعدّد فيها أسلوب الإستثناء
هذا، كقوله تعالى : (وَمَا أَرْسَلْنَا
قَبْلَكَ إِلَّا رِجَالًا نُوحِي إِلَيْهِمْ) ولكنّه خصّصe بهذا
التّتوّج الشّمولي .
ü
دلالة
السّباق على الآية :
14)
ومن تأمّل ما سبق الآية يجد أنّ الآيات كانت تقرّر المصير، الذي
يحتاج الخلق فيه إلى الرّحمة، فجاءت هذه الآية الكريمة تؤكد أنّ الحبيب الشّفيع e هو عين
تلك الرّحمة المنشودة .
15)
بل إنّ في قوله تعالى : (
وَلَقَدْ كَتَبْنَا فِي الزَّبُورِ مِنْ بَعْدِ
الذِّكْرِ أَنَّ الْأَرْضَ يَرِثُهَا عِبَادِيَ الصَّالِحُونَ (105) إِنَّ فِي
هَذَا لَبَلَاغًا لِقَوْمٍ عَابِدِينَ ) إشارة إلى
أنّهم الأمّة المحمّديّة التي لا تخلفها أمّة، فهم الصّالحون والعابدون لا بجدّهم
! ولكن بسرّ نبيّهم الرّحمة للعالمين e .
بـشرى
لنا مـعشر الإسلام إنّ لنا
|
من
العناية ركنا غير منهدم
|
لمّا
دعى الله داعينا لطاعته
|
بأكرم
الرّسل كنّا أكرم الأمم
|
ü
دلالة
اللّحاق على الآية :
16)
وإنّ المتأمّل في خطاب ساداتنا الأنبياء للأمم، يجد الخطاب
الرّباني يتنوع ما بين جمال وجلال، بل قد يغلب عليه الجلال، ولكن إن تبصرت بالخطاب
المحمّدي لأمّته، فستجد الغالب عليه الجمال، وليس ذلك مزيّة للأمّة وحدها، بل لأجل
رسولهاe الذي هو
رحمة للعالمين، ولذا قال في الآية التي بعدها : ( قل ربّ احكم بالحق وربنا الرحمن المستعان) فهو يخاطب المخالفين باسم الرّحمن، كما جاء في آية : ( فإن كذبوك فقل ربّكم ذو رحمة واسعة) .
ü
وجه
الدّلالة في قوله تعالى : (رحمة) :
17)
إنّ التّعبير بالمصدر ـ الرّحمة ـ أبلغ وأوكد من التّعبير ببعض
مشتقاته الإسميّة أو الفعليّة، فكأنّه يقول: أنت عين الرّحمة، كما في إسمه تعالى
" العدل" .
قال الشيخ أبو العباس المرسي رضى الله عنه:
الأنبياء- عليهم السلام- خُلقوا من الرحمة، ونبينا e هو عين الرحمة، قال تعالى: وَما أَرْسَلْناكَ
إِلَّا رَحْمَةً لِلْعالَمِينَ. هـ. وقال أيضًا: الأنبياء- عليهم السلام- لأممهم
صدقة، ونبينا e لنا هدية، قال e : «وأنا النعمة المهداة».
18)
ويتجلى لنا من الآية الكريمة، أنّ هذه الرّحمة هي التي تجلى بها
إسم الرّحمن الرّحيم، والتي جاءت في حديث : »إِنَّ لِلَّهِ مِائَةَ رَحْمَةٍ, أَنْزَلَ مِنْهَا
رَحْمَةً وَاحِدَةً، بَيْنَ الْجِنِّ وَالإِنْسِ وَالْبَهَائِمِ وَالْهَوَامِّ,
فَبِهَا يَتَعَاطَفُونَ وبِهَا يَتَرَاحَمُونَ, وَأَخَّرَ تِسْعَةً وَتِسْعِينَ
رَحْمَةً يَرْحَمُ بِهَا عِبَادَهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ «[1] وتلك
الرّحمات المدّخرة هو واسطتها كذلك e، حيث أنّهe هو
الشفيع الأعظم يوم القيامة، وهو ينبوع السعادة والرّضوان في الجنان والكثبان،
فلاجرم أنّه رحمة للعالمين .
19)
جاءت الرّحمة في الآية نكرة ( رحمة ) لكي تعمّ،
لأنّه ما من خير يتنزّل إلّا ويدخل تحت وصف الرّحمة، فهو e واسطة هذه
الرّحمات كلّها .
20)
وفي إفراد الرّحمة في الآية معنى دقيق، مع أنّ العالمين لا يحتاجون
إلى رحمة واحدة، بل إلى رحمات متنوعات ومتفاوتات..، ولكن هذا من باب التعبير عن
الجمع بالمفرد، لزيادة التّوكيد والتّخصيص والإتّحاد، أي كأنّه يقول : أنت هو
الرّحمة الجامعة لكلّ الرّحمات المطلقات ..
يقول الإمام
البقلي فى العرائس :
أيها الفهيم أنّ
الله أخبرنا أنّ النّور المحمّدي أول ما خلقه ثم خلق جميع الخلائق من العرش الى
الثرى من بعض نوره، فارساله الى الوجود والشهود رحمة لكل موجود، فكونه كون الخلق
وكونه سبب وجود الخلق وسبب رحمة الله على جميع الخلائق، فهو رحمة كافية.
ü
وجه
الدّلالة في قوله تعالى : ( للعالمين) :
21)
وقد تعدّت الرّحمة هنا بلام الإختصاص، ولم تتعدّى بغير ذلك ممّا
يجوز، لأنّ الرّحمة تجلي جمال، ولأنّه e هديّة
ونعمة لنا، كما جاء في حديث : (إنّما
أنا رحمة مهداة) .
22)
والعالمين في هذا الموضع هو جمع عالم، أي أنّه مرسول لكل العوالم
علويها وسفليها، ظاهرها وباطنها، بل وعاقلها وبهيمها..، كما قال روحي له الفداء :
(ما من شىء إلا يعلم أنى رسول الله
إلا كفرة الجن والإنس)[2]
.
وفي هذا يقول
صاحب "روح البيان" :
قال بعض الكبار
(وما أرسلناك الا رحمة) مطلقة تامة كاملة عامة شاملة جامعة محيطة بجميع المقيدات، من
الرحمة الغيبية والشهادة العلمية، والعينية والوجودية والشهودية، والسّابقة واللّاحقة،
وغير ذلك .. (للعالمين) جمع عوالم ذوى العقول وغيرهم من عالم الأرواح والأجسام ومن كان
رحمة للعالمين لزم ان يكون أفضل من كل العالمين .
ü
دلالة
النّظير :
23)
وإنّ الفرق بين آية الرّحمة هذه، وبين آية الرأفة : ( بالمؤمنين رؤوف رحيم) أنّ
آية الرّحمة للعموم وهي مظهر اسم الرّحمن، أمّا آية الرّأفة فهي خاصة بالمؤمنين
فقط، وهي فرع عن تلك الرّحمة العامة، كما أنّ دلالة الرّحمن أعم من دلالة الرؤوف
الرّحيم .
24)
ورأيت أنّ هناك تناسبا بين هذه الآية، وبين آية (قُلْ إِنِّي عَلَى بَيِّنَةٍ مِنْ رَبِّي وَكَذَّبْتُمْ بِهِ مَا
عِنْدِي مَا تَسْتَعْجِلُونَ بِهِ) لأنّهم استعجلوا العذاب، وما عنده e إلّا
الرّحمة فقط .
25)
ويتجلّى مضمون هذه الآية، في قوله تعالى : ( وما كان الله ليعذبهم وأنت فيهم) فمجرد وجوده e رحمة حتى
للكفار، لاسيما وأنّ معانديه قد أمنوا ممّا وقع لجاحدي الرّسل من قبلهم .
26)
ويترسخ معنى هذه الحقيقة، في إبتداء كلّ سورة من كتابه المبين
بالبسملة " بسم الله الرحمن
الرحيم" وكلّ كتاب ينزل على حسب
مزاج الرّسول المنزل عليه، وفي ذلك إشارة إلى أنّه e هو
مظهر الرحمن الرحيم .
27)
وما هناك تناقض بين آية الرّحمة العامة، وبين بعض الآيات الأخرى
التي تدل على الجلال، مثل : ( ولا تصلّ
على أحد منهم مات أبدا) وآية : ( يأيها النبي جاهد الكفار والمنافقين واغلظ عليهم) ..
لأنّ الرّحمة
تشمل الجمال والجلال معا، ودليل ذلك شمولية اسم الرّحمن لكل الأسماء الحسنى : ( قل ادعوا الله أو ادعوا الرحمن أيما تدعو فله الأسماء الحسنى) فالخلق كلّهم برهم وفاجرهم لم يخرجوا من رحمة الله العامة.
ولكون الجلال
ذاك ما هو إلّا معنى من معاني الرّحمة الخفيّة، والتي لا ندري ما الحكمة من
وراءها، من قبيل قوله تعالى : ( ولكم في
القصاص حياة يا أولي الألباب) .
ولأنّ الجلال
في معرض التّشريع، ولكنّ الجمال في معرض التّحقيق، لقوله تعالى في الحديث القدسي:
( رحمتي سبقت غضبي) وفي هذا الحديث إشارة إلى النّور المحمّدي الأوّل، فهو رحمة
الله، وهو السّابق في الوجود، وفي الشّفاعة، وفي المكانة ..
هذا والله
ورسوله أعلم وصلى الله على سيّدنا ومولانا محمّد رحمة الله للعالمين، الرّؤوف
الرّحيم بالمؤمنين، وعلى آله وصحبه أجمعين، والحمد لله ربّ العالمين.
حَمدانَك اللهُ على المدودِ
|
ما نَفَحَ المجلى على الوجودِ
|
بُـشرى لنا فربُّنا القريبُ
|
بوابُهُ نبيُّنا الحبيبُ
|
سَعِدتِ الأكوانُ والأوانُ
|
بِمن بهِ تعيَّنَ الإمكانُ
|
هوَ الوجودُ بل لهَوَ الجُودُ
|
إلى مَن منهُ المبتدى نَعودُ
|
لا غرو أنْ صِرنا عليه عالَهْ
|
فذلكم أبُونا بالأصالَهْ
|
بالكلِّ هوَ رحمةٌ إلينا
|
أنزلَهُ رحمانُنا علينا
|
يَرحمُنا يَمدُّنا يَهدِينا
|
قَطٌّ سوى الرؤوفِ لا يُجدِينا
|
أرْحمُ بالعبادِ والبلادِ
|
مِن والداتِ النّاسِ بالأولادِ
|
والخيرُ كلُّ الخيرِ والقَرابَهْ
|
لأمّةِ الدّعوةِ والإجابَهْ
|
سُعدى لنا فالرّحمةُ العمِيمه
|
تجمّعتْ لهذه الأُمَيمه
|
فكلُّ ما قد كان للسّوالفْ
|
أورثَهُ الحبيبُ للخوالف
|
وزادَنا نسبَتَهُ الأميّه
|
كفانا فخرًا هذه الهوّيّه
|
فالرُّسلُ والملائكُ السّوابِقْ
|
لَيَغبِطون نسبةَ اللّواحِق
|
يَرْجُون ما يَرَون مِن نفائح
|
مُذْ فاحَتِ الأرواحُ بالرّوائح
|
سبحان ربّك ربّ العزّة عمّا يصفــــــون،
وســـــلام عـــــــلى المرسلين،
والحمد لله ربّ العالمين.
الاشتراك في:
الرسائل (Atom)