شعاع القدس ( للشريف الحسني )
شعاع القدس
بسم الله الرحمن
الرحيم
وصلى الله على سيّدنا ومولانا محمّد وعلى
آله وصحبه وسلّم
ورضي اللّه عن شيخنا الجّيلاني وعن أتباعه
وورثته إلى يوم الدّين
ديباجة :
إنّ كثيرا من الكمالات المحمّديّة، لاندركها إلّا من خلال مظاهرها
ـ من أنبياء وأملاك وأولياء ـ فحيثما رأيت خصيصة لأحد الكمّل، لا بدّ وأن ترجعها
إلى محتدها الأصليe، لأنّه هو
الأولى بها أصالة .
لكن وللأسف تجد الكثير من أهل العلم، لم يتذوّق معنى علاقتهe بالأنبياء
والمقربين، ويظنّون أنّها مجرد أفضليّة تسابق في المكانة فقط، ولم يدركوا أنّهe محتدهم
وممدّهم وسيّدهم، وأنّه ما من مزيّة عند أحدهم، فإنّما هي في الحقيقة مقتبسة من
نورهe.
إنّما مثّلوا صفاتك للنّا
|
س كما مثّل النجوم الماء
|
أنت مصباح كلّ فضل فما تصـ
|
در إلّا عن ضوئك الأضواء
|
وموضوع دراستنا اليوم من هذا القبيل، فهو في علّة سجود الملائكة
لسيّدنا آدمu، وتحقيق ذلك
المشهد من جهة عرفانيّة وجدانيّة، تتناسب مع مقام النّبوّة والغيوب .
علما بأنّ أدق الخلق معرفة بحضرات الأنبياء ومجرياتها، هم
الصّالحون ثم الأمثل فالأمثل، ومل هذه القضيّة هي من تخصّص أهل الفتح، لا من شأن
أهل العلم.
إقتباس الحقائق
حقيقة
إنّ في قوله تعالى : (فَإِذا سَوَّيْتُهُ وَنَفَخْتُ فِيهِ مِنْ رُوحِي فَقَعُوا لَهُ ساجِدِينَ) إشارة إلى النّور المحمّدي، من أوجه :
فقوله تعالى : (سويته) معناه صبغته بالرّقيقة الأحمديّة الخاصّة، التي بها تأهّل
للخلافة والمظهريّة، وهي المعبر عنها بالأمانة التي عجز عنها الخلق، في آية (إِنَّا عَرَضْنَا الْأَمَانَةَ عَلَى السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ
وَالْجِبَالِ فَأَبَيْنَ أَنْ يَحْمِلْنَهَا وَأَشْفَقْنَ مِنْهَا وَحَمَلَهَا
الْإِنْسَانُ إِنَّهُ كَانَ ظَلُومًا جَهُولًا) .
ثمّ قال تعالى : (ونفخت فيه من روحي) أي
أمددته بروح الوجود، الذي هو الرّوح الأعظم e، وإضافته
لله تعالى هي إضافة قرب وتخصيص، لأنّ النّور المحمّدي باعتبار إمداده الإيجادي،
يسمّى بــ " روح الأرواح" أوبــ " الرّوح الأعظم" أو بــ
" روح الوجود" .
وفي هذا يقول الإمام ابن عجيبة في تفسيره : " اعلم أن الروح
القائمة بهذا الآدمي هي قطعة من الرّوح الأعظم، التي هي المعاني القائمة بالأواني
، وهي آدم الأكبر والأب الأقدم e " .
ثمّ قال تعالى : (فقعوا له ساجدين) أي من بعدما
استوى وروى بالنّور المحمّدي، جاء الأمر بالسّجود له، إذا فهو e علّة
السّجود بلا شك .
حقيقة
وإنّ في قولهe ( كنت نبيا وآدم بين الرّوح والجسد) إشارة دقيقة إلى علّة السّجود، حيث أنّه e موجود قبل
الخلق، فلماذا علّق نبوته على خلق سيّدنا آدمu ؟!
أجل لينبهنا e أنّ
السّجود لسيّدنا آدم u إنّما هو
مظهر من مظاهر نبوته الأمّيّة، وذلك أنه بظهور سيّدنا آدم u قامت
دولته e، لأنّه
حامل لأمانته المقدّسة، ولهذا لمّا سرى النّور فيه، أمرت الأملاك بالسّجود لهe، كخليفة
عن الحضرة المحمّديّة، وكمظهر للنّور الذّاتي .
وكذلك هو الحال في حديث : (إنى عند الله لخاتم النبيين، وآن آدم لمنجدل
فى طينتة) فكأنّه يقول لنا، أنّ
الرّوح السّارية في سيّدنا آدم u هو
روحي، والسّر الذي به تتوّج حتّى سجدت له الأملاك هو نوري، وكأنّ هذه الكنتيّة لا
زالت مستمرة من جنس ( كان الله
ولا شيء معه) أي في الآن الدّائم،
الشامل للماضي والحاضر والمستقبل، فكان ولازال سيّدنا آدم uمنجدل في طينته، والرّوح السّاري فيه هو: النّور المحمّدي .
حقيقة
وفي قوله تعالى : (وَإِذْ قالَ رَبُّكَ لِلْمَلائِكَةِ إِنِّي جاعِلٌ فِي الْأَرْضِ
خَلِيفَةً ) إشارة بالغة، لاسيّما في
قوله : ( ربّك ) فعود الضّمير إليه eهنا، دلالة على أنّ القضيّة منوطة به e، أي أنّ
الحضرة المحمّديّة هي العلّة الغائيّة، من وراء ذلك المشهد كلّه، من خلافة، وتعليم
الأسماء، وسجود الأملاك .
فسيّدنا آدمu كان خليفة
صفاتيّا، عن الخليفة الذّاتي e، فكان في
هذا المشهد مظهرا صوريّا عن المصدر المحمّدي، ولهذا وقع له السّجود .
ويقول الشيخ محمود الألوسي الحسيني[1] : في تفسير هذه الآية (وَإِذْ قالَ رَبُّكَ لِلْمَلائِكَةِ) ولا يخفى لطف الرّب هنا مضافا إلى ضميره e بطريق
الخطاب، وكان في تنويعه والخروج من عامه إلى خاصه، رمزا إلى أنّ المقبل عليه
بالخطاب، له الحظ الأعظم والقسم الأوفر من الجملة المخبر بها، فهوe على
الحقيقة الخليفة الأعظم في الخليقة، والإمام المقدم في الأرض والسماوات العلى،
ولولاه ما خلق سيّدنا آدم بل «ولا، ولا» ولله تعالى درّ سيدي ابن الفارض، حيث يقول
عن لسان الحقيقة المحمدية :
وإني وإن كنت ابن آدم صورة
|
فلي فيه معنى شاهد بأبوتي
|
حقيقة
يقول الشيخ حقي الخلوتي الحنفي في تفسير (وَإِذْ قُلْنَا لِلْمَلَائِكَةِ اسْجُدُوا لِآَدَمَ فَسَجَدُوا)[2]
:
وهذا في الحقيقة تعظيم للنّور المنطبع فى مرآة آدم عليه السلام،
وهو النّور المحمدي والحقيقة الاحمدية، ولله در الحافظ فى قوله :
ملك در سجده آدم زمين بوس تو نيت كرد ...
كه در حسن تو لطفى يافت بيش از طور انسانى
وفي قصص الأنبياء وغيرها أنّ آدم عليه السلام اشتاق الى لقاء سيّدنا
محمد e حين كان
فى الجنّة، فأوحى الله تعالى إليه هو من صلبك، ويظهر فى آخر الزمان، فجعل الله النّور
المحمدي فى إصبعه المسبحة من يده اليمنى، فسبح ذلك النّور، فلذلك سميت تلك الإصبع
مسبحة، كما فى الروض الفائق.
وقال بعض الكبار: أنّ مع كل سعيد رقيقة من روح النبي e هى
الرقيب العتيد عليه، فاعراضه عنها بعدم إقباله عليها سبب لانتهاكه، ولما قبض الرّوح
المحمدي عن سيّدنا آدمu الذي كان
به دائما لا يضل ولا ينسى، جرى عليه ما جرى من النسيان وما يتبعه، وإليه الاشارة
بقوله e ( إذا أراد الله إنفاذ قضائه وقدره سلب ذوى العقول عقولهم) .
حقيقة
وإنّ كلّ كمال
وخصيصة لسيّدنا آدمu، هي كصورة
للحقيقة المحمّديّة، وهو مايسميه العارفون بـ " آدم الأكبرe "
كما يقول الشّيخ الأكبر ابن عربي: آدم الأرواح هو سيدنا محمد e ([3]) .
ويقول قدّس الله
سرّه : « آدم الحقيقي : هو
النفس الناطقة الكلية، التي تتشعب عنها النفوس الجزئية »([4]) .
وعليه فإنّ
السّجود كان صوريّا لآدم الأصغرu، وكان
سجودا حقيقيّا لآدم الأكبرe، لكونه
أوسع قبلة للتّوجه إلى الذّات الإلهيّة، وهذا معنى قول الشيخ الأكبر : "
سيّدنا محمّدe للجمع،
وسيّدنا آدم للتفريق "[5]
.
وحَتّى أَتى الأُنْمُوذَجُ الرَّسْمِي
لِلأنا
|
بأَنْوارِهِ اللّاتي سَبَتْ إذْ تَجَلَّتِ
|
بآدَم مَجْلَاهُ تَجَلَّى
مُحيّاهُ
|
فَسَلَّمَتِ العَلْيَا
سُجُودًا لِبَيْعَةِ
|
حقيقة
يقول الإمام الفخر الرّازي رحمه الله :
إنَّ كَوْنَ سيّدنا آدَمَ u مَسْجُودًا
لِلْمَلَائِكَةِ، لَا يُوجِبُ أَنْ يَكُونَ أَفْضَلَ مِنْ سيّدنا مُحَمَّدٍ e،
بِدَلِيلِ قَوْلِهِ e: «آدَمُ وَمَنْ دُونَهُ تَحْتَ لِوَائِي يَوْمَ الْقِيَامَةِ» وَقَوله: «كُنْتُ
نَبِيًّا وَآدَمُ بَيْنَ الْمَاءِ وَالطِّينِ» .
وَنُقِلَ أَنَّ جِبْرِيلَ u أَخَذَ
بِرِكَابِ النبيe لَيْلَةَ
الْمِعْرَاجِ، وَهَذَا أَعْظَمُ مِنَ السُّجُودِ، وَأَيْضًا أَنَّهُ تَعَالَى
صَلَّى بِنَفْسِهِ عَلَى سيّدنا مُحَمَّدٍe، وَأَمَرَ
الْمَلَائِكَةَ وَالْمُؤْمِنِينَ بِالصَّلَاةِ عَلَيْهِ، وَذَلِكَ أَفْضَلُ مِنْ
سُجُودِ الْمَلَائِكَةِ.
وَيَدُلُّ عَلَيْهِ وُجُوهٌ الْأَوَّلُ: أَنَّهُ تَعَالَى أَمَرَ
الْمَلَائِكَةَ بِسُجُودِ آدَمَu
تَأْدِيبًا، وَأَمَرَهُمْ بِالصَّلَاةِ عَلَى النبي e تَقْرِيبًا.
وَالثَّانِي: أَنَّ
الصَّلَاةَ عَلَى النبي e دَائِمَةٌ
إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ، وَأَمَّا سُجُودُ الْمَلَائِكَةِ لِآدَمَu، مَا
كَانَ إِلَّا مَرَّةً وَاحِدَةً .
الثَّالِثُ: أَنَّ السُّجُودَ لِآدَمَu إِنَّمَا
تَوَلَّاهُ الْمَلَائِكَةُ، وَأَمَّا الصَّلَاةُ عَلَى سيّدنا مُحَمَّدٍ e
فَإِنَّمَا تَوَلَّاهَا رَبُّ الْعَالَمِينَ، ثُمَّ أَمَرَ بِهَا الْمَلَائِكَةَ
وَالْمُؤْمِنِينَ.
وَالرَّابِعُ: أَنَّ الْمَلَائِكَةَ أُمِرُوا بِالسُّجُودِ لِآدَمَu، لِأَجْلِ
أَنَّ نُورَ سيّدنا مُحَمَّدٍe فِي
جَبْهَةِ آدَمَ u.[6]
حقيقة
وإنّ في قول سيّد الوجودe : « خلَقَ آدَم على صُورَتِهِ » ملحظ مهم، إن قلنا بتأويل الحديث إليهe ، بأنّ سيّدنا آدم مخلوق على صّبغة النّور
المحمّدي، المشار إليه بقوله تعالى : ( فإذا سويته ونفخت فيه من روحي) .
كما يقول الشيخ الأكبر قدّس الله سرّه : إنّ الصّورة الآدمية الإنسانية : هي ثوب يشبه الماء والهواء، في
حكم الدقة والصفاء، على الحقيقة المحمدية النورانية، حيث تشكل بشكلها ([7]) .
ويقول الإمام ابن
عجيبة قدّس الله سرّه : في حديث « خلَقَ آدَم على صُورَتِهِ» أنّ إظهار الروح من بحر
الجبروت، في التجلي الأول، كان على صورة سيّدنا آدم، ثم خلق آدم على صورة الرّوح
الأعظمe، وهو التّجلي
الأول من بحر المعاني[8].
حقيقة
بل وإنّ من اللّطائف التي يستأنس بها المحبون، أنّ الصّورة
البشريّة مخلوقة على شكل إسم سيّدنا " محمّد "e.
وهذا وغيره يدلّ على أنّ إنجذاب الملائكة في ذلك المشهد الأعلى،
إنّما كان للنّور المحمّدي الذي خلقوا منه، وذلك بمقتضى الفطرة النّورانيّة
الكامنة فيهم .
وإنّ من الملامح اللّطيفة في هذا المشهد، قول إبليس كما في القرآن
(قَالَ آسْجُدُ لِمَنْ خَلَقْتَ
طِينًا) فإنّه هنا أنكر شأن المظهريّة
الآدميّة، وأراد أن يأخذ الأمر صرفا من المصدريّة المحمّديّة، فطرده الله تعالى
لإنكاره للواسطة.
ولقد ردّ عليه الحق تعالى : (أَسْتَكْبَرْتَ أَمْ كُنْتَ مِنَ الْعَالِينَ) والعالون هم الذين يشهدون النّور المحمّدي صرفا بلا مزج الوسائط،
وهم الرّسل والملائكة الكروبيون، الذين لم يسجدوا لسيّدنا آدم u.
ويرى القطب علي وفا قدّس الله سرّه، أنّ الشّيطان حجب بالبشريّة
الآدميّة، ولم يشهد النّور المحمّدي السّاري فيها، الذي شهدته الملائكة حتّى سجدت
لمظهره، كما قال في بعض خمرياته :
لَو أبـصَرَ
الشيطانُ طلعةَ نُورِهِ
|
في وجهِ
آدمَ كان أولَ مَن سَجَدْ
|
أو لوْ رأى
النمرودُ نورَ جمالِهِ
|
عَبَدَ
الجليلَ مَعَ الخليلَ وما عَنَدْ
|
لكنْ جمالُ اللهِ
جلَّ فلا يُرى
|
إلاَّ بتخصيصٍ مِنَ اللهِ الصَّمَدْ
|
حقيقة
ولإن كان السّجود لسيّدنا آدم u معلّلا باحتجاجه على الملائكة، وبتعليمه الأسماء لهم، فإنّ الفضل
في ذلك يرجع إلى ممدّ ذلك له، فالنّور المحمّدي هو المقصود الحقيقي بالسّجود
والإذعان، وهذا ما عبر عنه الإمام البوصيري قدّس الله سرّه:
لك ذات العلوم من عالم الغيـ
|
ب ومنها لآدم الأسماء
|
وذلك أنّ سيّد
الوجود قد أوتي ذاتيّة التّجلي، وسيّدنا آدم وغيره من الأنبياء ورثوا منه الفرق
الأسمائي والأفعالي، فكانوا خلائف عنه في الكون، كما قال:
وكلّهم من رسول الله ملتمس
|
غرفا من البحر أو رشفا من الديم
|
حقيقة
وقد جاء في بعض
روايات الحديث ما يشير إلى هذا المعنى، كقولهe: (لما خلق الله عز و جل آدم خبره
ببنيه فجعل يرى فضائل بعضهم على بعض فرأى نورا ساطعا في أسفلهم فقال : يا
رب من هذا ؟ قال : هذا ابنك أحمد هو الأول وهو الآخر وهو أول شافع وأول مشفع )[9] .
وكما جاء في قصص الأنبياء "
أنّ آدم عليه السلام اشتاق الى لقاء سيّدنا محمد e حين كان
فى الجنّة، فأوحى الله تعالى إليه هو من صلبك، ويظهر فى آخر الزمان، فجعل الله النّور
المحمدي فى إصبعه المسبحة من يده اليمنى، فسبح ذلك النّور، فلذلك سميت تلك الإصبع
مسبحة "[10]
.
وقال الإمام سهل التّستري قدّس الله سرّه : "ولقد بلغني أن الله تعالى
أوحى إلى سيّدنا داود u: إني خلقت محمداً e لأجلي،
وخلقت آدم u لأجله " .
ففي هذا إشارة إلى هذه الحقيقة، والتي لا تحتاج عند المكاشفين إلى
أدلّة ظاهرة، كما يقول الإمام ابن حجر الهيثمي في شرح الهمزيّة : " إنّ
المقصود من خلق سيّدنا آدم u إنّما
هو خلق نبيناe من صلبه،
فهو e المقصود
بطريق الذّات، وسيّدنا آدمu بطريق
الوسيلة، ومن ثمّ قال بعض المحققين : إنّما سجد الملائكة لسيّدنا آدمu لأجل نور
سيّدنا محمّدe الذي في
جبهته " .
إلتماس الرّقائق
وهذه نماذج معضّدة لهذه الحقيقة، ممّا سجلته
لنا أشعار العلماء والعارفين من الأمّة، وذلك يؤكد أنّها كانت عقيدة راسخة في
الوجدان :
فيقول الأديب أبو القاسم التجيبي رحمه الله تعالى :
من أجله حق السجود لآدم
|
وبفضله يستشفع الثقلان
|
وللعلامة سيدي أحمد سكيرج رضي الله عنه :
فمن أجله الأملاك قد سجدت له
|
وأبلس إبليس بخزي و لعنة
|
وللشّيخة عائشة الباعونية رحمها الله :
وَلَولا ضِياه لاحَ
في وَجه آدم
|
لَما أَمَر الأَملاك
أَن يَسجدوا لزما
|
تَحية إِعظام لِمَجد
مُحَمد
|
نَبي الهُدى الماحي
بِأَنواره الظلما
|
وللشيخ مجد الدين بن رشيد البغدادي :
جَرَى أوَّلاً فِي وَجْهِ آدَمَ نُورُهُ
|
فَكَانَ بِهِ يَوْمَ السُّجُودِ يُتَوَّجُ
|
وللحبيب عمر بن حفيظ حفظه الله :
فأبوه آدم نال تكرمة به
|
وله الملائك ربنا قد أسجدا
|
بقوائم العرش رأى اسم محمد
|
مع الإله فبان رتبة أحمدا
|
وللشيخ أبي عبد
الله ابن سعيد رحمه الله :
لسناك حين بدا بآدم أقبلت
|
رعياً لأخراه الملائك تسجد
|
وللشاعر
السيد رضا الهندي :
ولو لم يكن في صلب آدَمَ مودَعاً
|
لما قال قدما للملائكة اسجُدُوا
|
وللسيد محمد المكى السّوداني رضي الله عنهما:
آدم له الكرام سجدت
|
إذ رأت في الوجه نور يلمع
|
وللشيخ عبد اللطيف الصيرفي رحمه الله :
فآدم قد حوى فضل السجود به
|
ونال عفواً به عن زلة القدم
|
وللعارف بالله الشريف يوسف
الهندي :
جلت ملاحته في وجه آدمنا
|
فأسجد الله أملاكاً وأكوان
|
ولم تزل هيبةُ منه تلازمه
|
حتى دنا منه بعد الذنب غفران
|
وللشيخة عائشة الباعونية رحمها الله:
ولد الحَبيب فَمَرحَباً بِوَفائِهِ
|
وَبِحُسن طَلعَتِهِ وَنُور بِهائِهِ
|
وَتشعشَع النُّور الَّذي سَجَدت لَهُ
|
في وَجه آدم أَهل أُفق سَمائِهِ
|
وللإمام محمّد وفا الشّاذلي قدّس الله سرّه :
تَـجَـلَّـــيــتَ جــــلَّ اللهُ
فــي وجـــهِ آدمٍ فَصلّــى
لــــه الأمـلاكُ حين تَوصَّـــــلُــوا
وللحبيب حسين المحضار رحمه الله:
وبجه ادم نوره لاح إذ
|
خرت له الاملاك فوق العوال
|
وللشيخ رمضان عمر
رحمه الله :
من أجله الأملاك قد طأطأت
|
لآدم مذ قبل أن أفعل
|
ويقول الشاعر محمد البيلي :
نـورٌ بـدا فـي وجهِهِ سجـــــــــــــدَتْ له يـومَ السجـود مـلائكٌ كُرَمــــــــاء
ولبعضهم :
سجدت ملائكة السماء
لادمٍ
|
اذ كان من انوار طه
يرتدي
|
وقلت في ألفية " الكنزيّة " :
وحَتّى
أَتى الأُنْمُوذَجُ الرَّسْمِي لِلأنا
|
بأَنْوارِهِ اللّاتي سَبَتْ إذْ
تَجَلَّتِ
|
بآدَم مَجْلَاهُ تَجَلَّى
مُحيّاهُ
|
فَسَلَّمَتِ العَلْيَا
سُجُودًا لِبَيْعَةِ
|
وقلت في ألفية " غياهب الكنه " :
وما يَـسْرِي ما بينَ الملائِكِ والمجلى
|
نفائِحُهُ اللَّائِي على الملاءِ الأَعلى
|
|
فسَلْ عنهُمُ ما سِرُّ عِندِيَّةِ المولى
|
وما خَطْبُهُمْ في الجَذْبِ بالسَّجْدَةِ
الأُولى
|
|
سَبايَا بأنوارِ الحبيبِ الدَّوامِغِ
|
وقلت في ألفية " الحقيقة المحمّديّة " :
وقُدْسُها لَمَّا عَلى المَجْلى بَدَا
|
خَرَّتْ لَهُ الأَمْلاكُ طُرًّا سُجَّدَا
|
خاتمة
ألا فإنّ ماهيّة السّجود لسيّدنا آدم عليه
السّلام، إنّما هو سجود مظهريّة وقبلة، كالسّجود للكعبة والأقصى والبيت المعمور،
وليس سجود عبادة لهم، وإنّما المعبود هو الله تعالى وحده لاشريك له .
ولكنّ القبلة الجامعة المانعة، السّارية
في كلّ تلك المظاهر المقدّسة، هو النّور المحمّدي الأقدس، لأنّه أدلّ المظاهر على
الله تعالى، وكيف لا وهوe المظهر الذّاتي الأوحد، فهو نور الشّهود الكامن في ذرّات الوجود .
وهذا المقام هو ما يسميه السّادة
الصّوفيّة بـ " قبلة الأرواح " أو باسم " واجهة الشّهود" وهذا
من ألقاب الحقيقة المحمّديّة، ولنا رسالة في هذا المعنى، لمن أراد أن يستزيد معرفة
بالكمالات .
هذا والله ورسوله أعلم
وصلّى الله على سيّدنا مولانا محمّد بابِ اللهِ الواسِعِ ، الجامِعِ لأطْوارِ الحضائِرِ قاطِبةً ، فالمبتدى
مِنهُ والمنتهى إليهِ ، فلا دُخولَ
إلّا مِن أعتابِهِ ، ولا
وُصُولَ إلّا إلى نّعالِهِ ، لدُنهَ
المسجدِ الأقصى ،
دُونَ القَدَمِ الحرامِ ، حيثُ الرُّسُلُ غِلمانٌ ، والملائِكُ وِلْدانٌ ،
والعُروشُ فُــروشٌ ، هنالكَ
يُكشَفُ عنْ ساقٍ ، فَتَتَصَدَّعُ
السَّرائِرُ مِنَ الصُّدُورِ ، وعِندَها تَتَحَقّقُ العِلّةُ
الغائِـيّةُ ،
" أنْ لا إلهَ إلّا اللهُ ، وأنَّ سَيِّدَنا محمّدًا رَسُولُ
اللهِ "
صلّى اللهُ عليهِ ؛ وعلى آله وصحبِهِ وسلّم .
سبحان ربّك ربّ العزّة عمّا يصفون
وسلام على المرسلين والحمد لله ربّ العالمين
[1] روح المعاني في تفسير القرآن
والسبع المثاني ( للشيخ الألوسي ) .
[2] روح البيان في تفسير القرآن .
[3] - الشيخ
ابن عربي – تذكرة الخواص – فقرة 52 ( بتصرف ) .
[4] - الشيخ
ابن عربي – تفسير القرآن الكريم – ج2 ص371 .
[5] الموسوعة الكسنزانيّة .
[6] تفسير " مفاتيح الغيب
" للإمام الفخر الرّازي رحمه الله .
[7]- الشيخ
ابن عربي – عنقا مغرب في ختم الأولياء وشمس المغرب – ص 38 ( بتصرف ) .
[8] البحر المديد في تفسير القرآن
المجيد ( لابن عجيبة)
[9] البيهقي وابن عساكر .
[10] الرّوض الفائق .
الاشتراك في:
الرسائل (Atom)